تصاعد التوتر في الفاشر والجيش السوداني يتقدم بجنوب كردفان

متابعات سودان لايف نيوز – تصاعدت، خلال الأيام القليلة الماضية، حدة المواجهات المسلحة بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة ضد “الدعم السريع” في مناطق متفرقة من إقليم كردفان. ويسعى الجيش من خلال هذه العمليات للوصول إلى دارفور وإنهاء الحصار المفروض على الفاشر، كبرى مدن الإقليم، فيما تستميت “الدعم السريع” للدفاع عن مواقع سيطرتها في شمال وغرب وجنوب كردفان.

 

في خضم تصاعد عمليات القتال المتواصل منذ أيام عدة بمناطق غرب وشمال كردفان (غرب السودان)، فضلاً عن الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي شهدت، أمس الخميس، قصفاً مدفعياً مكثفاً شنته قوات “الدعم السريع” على عدد من الأحياء السكنية بصورة عشوائية، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين، أعاد الجيش السوداني، ممثلاً في الفرقة العاشرة – مشاة إحياء جبهة قتال كانت مجمدة فترة 10 أعوام، إذ أحكم سيطرته على منطقة أم دحيليب بجنوب كردفان، مما يعكس تصعيداً ملحوظاً في العمليات العسكرية في هذه المنطقة.

 

وبحسب “تنسيقية لجان مقاومة كرري”، فإن الجيش استعاد منطقة أم دحيليب، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة كاودا التي تعتبر مركز القيادة المركزية لـ”الحركة الشعبية – شمال” بقيادة عبدالعزيز الحلو، وهي خطوة تأتي في إطار العمليات العسكرية المستمرة التي تهدف إلى تعزيز سيطرة الحكومة السودانية على المناطق الاستراتيجية.

 

وتشهد مناطق شرق ولاية جنوب كردفان اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع”، إضافة إلى الحركة الشعبية، إذ يسعى الجيش إلى فتح طريق أم عدارة، الذي يقع على بعد 70 كيلومتراً غرب مدينة كادوقلي، مما يعتبر خطوة استراتيجية لتعزيز السيطرة على المنطقة.

وأثرت هذه المواجهات في الوضع الأمني والإنساني في جنوب كردفان، حيث يعاني السكان تداعيات النزاع المستمر بتزايد المخاوف من تفاقم الأوضاع، بخاصة مع استمرار العمليات العسكرية.

 

محور الفاشر

في الأثناء أكدت حكومة ولاية شمال دارفور أن “الدعم السريع” واصلت قصفها المكثف مدينة الفاشر، وقالت، في بيان، إن “الدعم السريع” أقدمت “على ارتكاب أبشع الفظائع الإنسانية ضد المدنيين بالفاشر”، مشيرة إلى أن مدفعيتها أسفرت عن سقوط قتلى مدنيين بحي الشرفة بالفاشر، إلى جانب إحداث “مجزرة بشرية أخرى في سوق ومعسكر أبوشوك للنازحين خلفت عشرات القتلى والجرحى. وأكدت حكومة ولاية شمال دارفور أن “مدينة الفاشر ستظل صامدة على رغم محاولات الميليشيات اليائسة والمتكررة لإرهاب المواطنين وزرع الرعب في نفوسهم”.

 

 

ووفقاً لشهود قتل 18 شخصاً في الأقل وأصيب العشرات، بينهم متطوعون في غرف الطوارئ، خلال يومين، إثر شن “الدعم السريع” قصفاً استهدف اثنين من أكبر مراكز إيواء النازحين في الفاشر بشمال دارفور، وأشار الشهود إلى أن قذائف المدفعية سقطت أثناء إعداد المتطوعين الطعام للنازحين، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا، إلى جانب تدمير المطبخ وحرق المواد الغذائية.

 

ويعتمد معظم العالقين في الفاشر في الغذاء على الطعام الذي توفره المطابخ الجماعية والتكايا، بعد تدمير الأسواق وسبل كسب العيش بسبب الحصار والاشتباكات والقصف.

وأدى الحصار الذي تفرضه “الدعم السريع” على الفاشر، منذ أكثر من عام، إلى شح شديد في السلع الغذائية والأدوية وانعدام الوقود.

 

 

محور شمال كردفان

وفي محور شمال كردفان سقط أربعة أشخاص في الأقل الخميس، وأصيب أكثر من 60 آخرين إثر قصف جوي نفذته “الدعم السريع” على مرفق طبي تابع للجيش بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وشنت “الدعم السريع”، في الـ10 من مايو (أيار) الجاري، هجوماً مماثلاً على السجن القومي في عاصمة شمال كردفان أدى إلى مقتل 21 شخصاً وإصابة 47 آخرين.

وتتعرض الأبيض منذ أسابيع لقصف مدفعي وبالطيران المسير موقعاً قتلى وجرحى.

 

 

الصين والمسيرات

إلى ذلك طالب المتحدث باسم الحكومة السودانية ووزير الإعلام خالد الإعيسر، الصين، باتخاذ موقف حازم حيال الطائرات المسيرة التي تستخدمها “الدعم السريع” في قصف المواقع المدنية والعسكرية، وتعطيل التقنيات المستخدمة في تشغيلها. وأوضح، في بيان، أننا “في حكومة السودان نرى أن تورط حكومة أبوظبي في تأجيج الحرب وارتكاب المجازر في حق الشعب السوداني يستوجب من الحكومة الصينية اتخاذ موقف حازم وعاجل لتعطيل التقنيات المستخدمة في تشغيل هذه الطائرات المسيرة”، وحث الصين على التدخل بعد إخلال الإمارات بالتزامات عقود شراء السلاح من خلال تمكينها “الدعم السريع” من حيازة طائرات مسيرة انتحارية واستراتيجية صنعت في الصين. ونوه بأن “الدعم السريع” تستخدم هذه الأسلحة في تهديد الأمن الوطني السوداني، “من خلال استهداف وتدمير المنشآت الحيوية والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه ومستودعات الوقود، إلى جانب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، عبر قصفها المدنيين العزل والفنادق والمرافق الصحية وقتلها النساء والأطفال”.

ولفت الوزير السوداني إلى أن قيام حكومة أبوظبي بتزويد “الدعم السريع بأسلحة صينية الصنع يتعارض بصورة واضحة مع المواقف التاريخية لبكين، وعلاقاتها العميقة مع السودان وشعبه، والتي تجسدها معالم بارزة، منها مبنى قاعة الصداقة الشهير في الخرطوم”، مؤكداً أن الصين دولة صديقة للسودان وشعبه، وتربطها به علاقات تاريخية ومصالح استراتيجية متبادلة.

وتستهدف “الدعم السريع”، هذه الأيام، عبر طائرات مسيرة متطورة صينية الصنع محطات توليد الكهرباء والسدود ومرافق المياه والمطارات المدنية والعسكرية في عدد من المدن السودانية.

ويتهم السودان دولة الإمارات بتوفير مسيرات استراتيجية لـ”الدعم السريع” قادرة على حمل 50 كيلوغراماً من المتفجرات ومزودة بنظام مقاوم للتشويش، بعضها ينطلق من مطارات داخل الأراضي التشادية.

واتخذت الحكومة السودانية، في السادس من مايو، قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات وأعلنتها “دولة عدوان”.

انتحار وهرب

في الأثناء، وثق خبراء من الأمم المتحدة 330 حالة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع في السودان خلال العام الحالي، في حين يعتقد أن العدد الحقيقي أعلى بكثير بسبب نقص الإبلاغ. وأشار الخبراء المتخصصون في حقوق الإنسان إلى أن ضحايا العنف الجنسي، بما في ذلك الأطفال، يواجهون عوائق هائلة في الحصول على الرعاية الطبية أو النفسية. وبين هؤلاء الخبراء أن هناك تقارير تفيد بارتفاع حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في المناطق الخاضعة لسيطرة “الدعم السريع” حيث جرى اختطاف كثيرات لأغراض الاستعباد الجنسي والاستغلال.

وتابع الخبراء “تؤخذ الفتيات من مواقع النزوح والإيواء والأسواق في ظل انهيار أنظمة الحماية، إذ عرض تدهور الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرة ’الدعم السريع‘ النساء والفتيات لعنف جنسي متزايد”، ودان خبراء الأمم المتحدة الانتهاكات واسعة النطاق ضد النساء والفتيات في السودان، بما في ذلك العنف الجنسي والاختطاف والقتل، فضلاً عما يواجهن من أخطار متزايدة من الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والاتجار بالبشر والزواج القسري، بخاصة في الجزيرة وسنار ودارفور وجنوب كردفان.

وأكد الخبراء أن هناك نساء انتحرن في قرى مثل السريحة والأزرق ورفاعة في ولاية الجزيرة بعد تعرضهن لاعتداءات مؤلمة.

ويتكتم المجتمع السوداني على جرائم الاغتصاب لارتباطها الوثيق بالشرف، إذ يلجأ بعض الضحايا إلى الهرب من أسرهن أو الانتحار لتلافي وصمة العار.

 

 

 

Exit mobile version