الحرية والتغيير .. أشواك في طريق الإصلاح

تقرير – عماد النظيف

بعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة والجبهة الثورية، أبدت بعض أحزاب الحرية والتغيير تخوفها من تشكل تحالف جديد في الساحة السياسية ربما يمثل الحاضنة السياسية للحكومة الإنتقالية، في ظل حالة عدم الإنسجام التي لازمت أداء الحاضنة السياسية للثورة (قوى إعلان الحرية والتغيير).

وكان الحزب الشيوعي السوداني،أعلن انسحابه من قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، وقوى الإجماع الوطني في البلاد.
وقال في بيان، إنه وبعد مداولات يومي الجمعة والسبت، “قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الانسحاب من قوى الإجماع الوطني، وقوى الحرية والتغيير، والعمل مع قوى الثورة والتغيير المرتبطة بقضايا الجماهير وأهداف وبرامج الثورة”.
قال إن “عناصر من الحرية والتغيير تعقد اتفاقات سرية ومشبوهة داخل وخارج البلاد وتقود التحالف نحو الانقلاب على الثورة”

واتهم “عناصر من الحرية والتغيير تعقد اتفاقات سرية ومشبوهة داخل وخارج البلاد وتقود التحالف نحو الانقلاب على الثورة”

خلافات حادة

ومنذ توقيع الوثيقة الدستورية التي مهدت لتشكيل الحكومة الإنتقالية في أغسطس من العام 2019م، ظلت قوى الحرية والتغيير في حالة من عدم الإنسجام فيما بين أحزابها، وبرزت الخلافات بين أحزاب الحاضنة السياسية لثورة حول إدارة الفترة الإنتقالية وأداء الحكومة، في الأثناء يُتهم المجلس المركزي للحرية والتغيير بأنه أصبح واجهة لبعض الأحزاب (والتكتلات العابرة) ما تسبب في ضعف التحالف.
وطالبت أحزاب بتوسيع قاعدة المشاركة داخل المجلس المركزي للحرية والتغيير بعد التوقيع السلام بين الحكومة والجبهة الثورية، حتى يتمكن الجميع من المشاركة في اتخاذ القرار. وقال الأمين السياسي للحزب الإتحادي الموحد محمد صادق ، أن حزبه جمد عضويته في التحالف نتيجة القرارات التي تصدر من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، والتي لا تعبر عن جميع أحزاب الحرية والتغيير، بل تعبر عن الأحزاب التي اتخذت القرارات، وأشار إلى أن المجلس المركزي للحرية والتغيير تسيطر عليه مجموعة من مكونات الحرية والتغيير وتتخذ القرارات بإنفراد.
وكان حزب الأمة القومي، جمد عضويته في التحالف أيضاً في إبريل الماضي بسبب ما أعتبرها “ممارسات من بعض أحزاب الحرية والتغيير لتشويه صورته” ما دفعه لطرح وثيقة العقد الإجتماعي الجديد. ويرى رئيس حزب الأمة القومي برمة ناصرـ، أن الموقف يتطلب إعادة نظر في تحالف الحرية التغيير من حيث المهام والتكوين وتوسيع قاعدة المشاركة وتحديد الرؤية واستيعاب كل من يؤمن بمبادئ الثورة والتسامي عن مرارات الماضي، لأن الوطن محتاج إلى كل أبناءه وهذا يفرض على الجميع توحيد كلمتهم وجمع صفهم لتنفيذ مهام الفترة الإنتقالية، ونوها إلى أن الوضع الحالي للحاضنة السياسية فيه نوع من المشاكسة وعدم الرضا بين مكوناتها، فقد خرج منها تجمع المهنيين وعدد من الأحزاب والوضع في داخلها يحتاج الى وقفة .

نظرة إيجابية

من جهته قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار، إن السلام الذي تم توقيعه في جوبا واحد من أهداف ميثاق الحرية والتغيير، وأشار إلى أن هذا الوضع لديه انعكاسات على الحاضنة السياسية “الحرية والتغيير” والأوضاع السياسية والاقتصادية، ويعتبر مكسب للتحالف.

موت سريري

من ناحيته قال المحلل السياسي وأستاذ استراتيجيات المعرفة محمد يوسف العركي ، أن توقيع اتفاقية السلام بجوبا يعد تجاوزاً لقوى الحرية والتغيير وبهذا تكون دخلت مرحلة الموت السريري، ونوه إلى أن بعض القوى السياسية قفزت من التحالف في مراحل سابقة بعد أن أدركت أن هذا التحالف يمضي نحو نهاياته، ونبه العركي، إلى أن رئيس حزب الأمة القومي الراحل الصادق المهدي، أشار في وقت سابق إلى ما أسماه بالعقد الإجتماعي لمعالجة مشاكل التحالف والذي صار يتشكل شيئا فشيئاً، وأضاف: لذلك نجد أن الحركات المسلحة حالياً هي أقرب وجداناً للمكون العسكري منه إلى الجانب المدني وهذا الذي جعل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، يسارع لينقذ ما يمكن انقاذه فسافر سراً الى اثيوبيا وإلتقى برئيس الحركة الشعبية –شمال- عبدالعزيز الحلو. وأشار يوسف العركي، إلى أن الحاضنة السياسية المرتقبة ربما تكون هي الأفضل في المرحلة المتبقية حيث أن الحرية والتغيير أثبتت فشلها في كل المجالات لعدم توفر الإرادة السياسية والنضج السياسي والحضور الإجتماعي وغياب هذه العوامل يجعلها مشلولة التفكير في مواجهة التحديات، مشيرا إلى أن الحاضنة القادمة ان أحسنت إدارة التغيير وإبتعدت عن القضايا الخلافية سوف تحقق ما عجزت عن قوى الحرية والتغيير”.

ميلاد جديد

ووصف الحزب الشيوعي اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية بـ(المعيب)، في جوانبه القانونية والسياسية، وقطع بأنه لن يفضي إلى سلام شامل نتيجة لتجزئة القضايا وتوزيعها لمسارات، وقال الشيوعي إنه لن يهدأ له بال حتى عقد مؤتمر السلام الشامل وتنظيم المؤتمر الدستوري، وتمثيل القوى المنظمة والمنتظمة في حركات للكفاح المسلح لم يشملها منبر جوبا خاصة (عبد الواحد محمد نور، الحلو، إضافة لثلاثة عشر فصيلاً مسلحاً)، وأشار إلى تغييب كامل للقوى السياسية والاجتماعية التي قادت التغيير، فضلاً عن تهميش أصحاب المصلحة عبر ممثليهم الحقيقيين في مفاوضات جوبا. من ناحيته اعتبر مقرر المكتب القيادي للجبهة الثورية محمد زكريا، أن اتفاق السلام يمثل ميلاد جديد للفترة الانتقالية وللحرية والتغيير، وقال إن الجبهة الثورية وبعض قيادات الحرية والتغيير الذين قدموا إلى جوبا قبل أسبوع من توقيع السلام عقدوا محادثات عميقة ومثمرة انتقدوا خلالها تجربة الحرية والتغيير واتفقوا على رؤية تصحيحية إصلاحية بإقامة مؤتمر تشارك فيه كافة الأطراف، وأضاف: “وفقاً لذلك قامت الجبهة الثورية بفك بتجميد نشاطها داخل الحرية والتغيير”. وأكد زكريا بأن الجبهة الثورية ستكون عضو فاعل في الحراك العام للحرية والتغيير في الأنشطة واللجان والخطاب العام.

Exit mobile version