
بعد أيام قليلة، سنتنتقل الجبهة الثورية من اللّعب في خانة المعارضة والهجوم على الحكومات، إلى خانة الحكومة والدفاع عنها بشغل منسوبيها وظائف تنفيذية بعد توقيع اتفاق السلام، أو ما يسمه البعض بـ (اتفاق تقاسم السلطة والثروة)، رغم نفي طرفا التفاوض ذلك.
هل ستظل الثورية بذات التشكيل الحالي، ومعها بقية الحركات، أم سينفض سامرها وتتحول إلى أحزاب سياسية للّعب في مضمار السياسة بدلاً عن ساحات الحروب والألغام؟
تحدي الصمود
يتوقع كثيرون، أن تلعب الجبهة الثورية دوراً فاعلاً في حكومة الفترة الانتقالية، وتحريك المشهد السياسي بلاعبين جُدد، لأن فصائل الجبهة الثورية التي لم تعد تحمل السلاح، لكنها تواجه تحدي البقاء بذات الطريقة التي ظلت عليها منذ سنوات حتى سقطوم النظام البائد. فقط، هذه المرّة عليهم الصمود إلى حين انعقاد الانتخابات المحدد لها عقب انتهاء الفترة الانتقالية.
معتصم أحمد صالح:
الثورية ستشارك في رسم صورة السودان الجديد .
وقال القيادي بالجبهة الثورية معتصم احمد صالح، إن الثورية تنظيم وتحالف عريض (وُجد ليبقى كما كان)، وأكد تماسكها خلال الفترة الانتقالية خاصة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق السلام. وأوضح معتصم، أن الثورية بعد تنفيذ السلام، ستشارك في جملة من القضايا والآليات. بالتالي، (نعول على الجبهة الثورية لما بعد الفترة الانتقالية)، بالإضافة إلى دورها في الانتخابات القادمة لرسم ملامح السودان الجديد.
وأكد المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين، أن الجبهة الثورية ستظل متماسكة في المرحلة الأولى تحقيقا لأهداف مكوناتها المختلفة، لكنه أشار إلى أنه على المدى المتوسط والطويل ستحدث داخلها تحولات بنيوية (ربما تؤدي لخروج بعض مكوناتها وتشكيل تحالفات جديدة مع بداية الاستعداد للانتخابات)، وتوقع خروج بعض مكونات الثورية والانضام لمجموعة الجبهة الثورية الأخرى بقيادة مني أركو مناوي.
محلل سياسي:
أتوقع تكوين جبهة ثورية جديدة بقيادة مناوي
وفي منتصف مايو الماضي، أعلنت حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي – الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجبهة الثورية – انسلاخها من الجبهة ومشاركتها كفصيل مستقل في المفاوضات مع الحكومة، وقال مقرر الوفد، أمين أمانة الإعلام بالحركة، نور الدائم طه في تصريح لـ(سودان تربيون) حينها، إنه بات من الصعب الاستمرار تحت قيادة موحّدة إلّا في حالة القبول بمبدأ القيادة الأفقية وفقاً للورقة التي قدمتها الحركة مؤخراً خلال اجتماعات الجبهة الثورية. وأكد طه، أن فصيل الأمين داؤود وفصيل آخر – لم يرغب الكشف عنه في الوقت الراهن – أعلنوا تأييدهم للخطوة ويقفون معهم في خندق واحد.
مستقبل غامض
لكن أستاذة العلوم السياسية أسمهان إسماعيل، رأت أن تماسك الجبهة الثورية يطوله التهديد، لأن مكونات التحالف جمعها هدف واحد وهو اسقاط الحكومة في الحد الأقصى والاتفاق على برنامج قوى الحرية والتغيير كحد أدنى للتوافق، وقالت أسمهان في حديث لـ”حكايات”، إن توقيع السلام سيؤدي إلى ضعف تماسك الجبهة الثورية، وأضافت: (مناوي تنبه إلى ذلك مُبكراً عندما بدأ تسديد سهام النقد للخلل في سلوك الجبهة الثورية والتجاوزات، ودعا لإصلاحات جوهرية).
بيد أن القيادي بالجبهة الثورية معتصم صالح، أكد أن الجبهة الثورية، يعول عليها كثيراً في رسم ملامح المرحلة المقبلة لمستقبل البلاد من خلال تواجدها في تحالف الحرية والتغيير. وأضاف: (اتفقنا على إعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير من خلال المؤتمر الذي سينعقد خلال ثلاثة إلى أربعة أسابيع من تاريخ التوقيع على اتفاق السلام لمناقشة هيكلة الحرية والتغيير)، ونوه إلى أن الحرية والتغيير يجب عليها لعب دور الحاضنة السياسية، ودعم الحكومة بأقوى مما كان سابقاً، بجانب وضع برامج طموحة قابلة للتنفيذ، بدلاً عن توجيه النقد المستمر لبرامج وسياسات الحكومة، وقال: (كل هذه الأدوار تتطلب تماسك الجبهة الثورية ككيان داخل تحالف الحرية والتغيير).
وكشف معتصم، عن اتجاه داخل الجبهة الثورية لعقد مؤتمر عام للتقرير في استمرارية الهيكل الحالي أو الاتفاق على هيكل جديد، وقال إن حركة تحرير السودان بقيادة مناوي طلبت أن يكون الهيكل الاداري للثورية أفقياً، بينما تعتقد بقيه مكونات الثورية أن الهيكل الأفقي غير مفيد خاصة في التجربة السابقة. وأضاف: (رأت الثورية بأن يكون الهيكل رأسياً، لكن المؤتمر سيقرر مستقبل الهيكل الحالي أو تبني هيكل اداري جديد).
أستاذة علوم سياسية:
توقيع السلام سيضعف تماسك الجبهة الثورية .
جبهة ثورية جديدة
وتوقع المحلل المحلل السياسي محي الدين محمد، تشكيل جبهة ثورية جديدة يقودها مناوي، خاصة بعد خلافاته الأخيرة مع قيادة الجبهة الثورية، كما توقع أن ينضم لهذه المجموعة مجموعة الأمين داؤود التي أعلنت عن رفضها استبعاد زعيمها وهو الذي كان قائداً للتفاوض في مسار شرق السودان. وتابع (المجموعة قالت في بيان، إنها ستعمل على عرقلة تطبيق الاتفاق بهدف ضبط الأوضاع وفق صيغة مرضية لها)، وتوقع ظهور كيانات أخرى تنقسم وتغادر الثورية بقيادة الهادي إدريس إلى الضفة الأخرى بقيادة مناوي بسبب التجاذبات والتشاكس بينهما. وأضاف (من أهم العوامل الدافعة لمثل هذا التوجه، وجود تباينات مُستترة في الرؤى وتكتيكات حزبية تحركها دوافع شخصية تعيق بلورة برنامج متوافق عليه، وصعوبة الاتفاق على بنية هيكلية تعبر عن التصورات السياسية للمكونات المختلفة داخل الجبهة الثورية).
واعتمد المجلس القيادي للجبهة الثورية، في العشرين من مايو الماضي، انسحاب حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، من الجبهة الثورية السودانية. وأعلن بيان المجلس القيادي، عن أن الحركة فقدت بذلك عضويتها في الجبهة باختيارها، وستكون الجبهة الثورية حرة في ملء هذا المقعد الشاغر بمن يستحق، كما انها فقدت حق تمثيل كتلة الجبهة الثورية في قوى نداء السودان التي تبوأ فيها مناوي الأمانة العامة.