أثار افتتاح القصر الرئاسي الجديد في مدينة بورتسودان، الذي أطلق عليه اسم “قصر الشرق”، موجة واسعة من الجدل والانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي في السودان خلال الساعات الماضية. اعتبر آلاف السودانيين أن هذه الخطوة تمثل انفصالاً صارخاً بين واقع السلطة وواقع المواطنين الذين يعيشون تحت وطأة حرب مدمرة تسببت في أسوأ كارثة إنسانية في تاريخ البلاد الحديث، حيث تتفاقم معاناة الملايين من الجوع والمرض والنزوح.
تداول ناشطون وصحفيون ومدونون صوراً ومقاطع مصورة للقصر الجديد، وسط موجة غضب رافضة لما وصفوه بـ”البذخ غير المبرر” في وقت يواجه فيه ملايين المواطنين ظروفاً إنسانية قاسية. وأكد المنتقدون أن افتتاح القصر يأتي في وقت تعاني فيه المدن الرئيسية من انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والصحة والمياه، وهو ما اعتبروه دليلاً على غياب الأولويات في إدارة الأزمة.
يشير منتقدون إلى أن افتتاح القصر يتزامن مع انهيار أكثر من 80% من النظام الصحي في البلاد بحسب تقارير أممية، بينما تزداد الكارثة الإنسانية تعقيداً مع استمرار القتال واتساع رقعة النزوح التي طالت أكثر من 10 ملايين سوداني داخل وخارج البلاد. هذا التناقض بين بناء منشآت فاخرة وتدهور البنية الصحية أثار تساؤلات واسعة حول جدوى مثل هذه المشاريع في ظل الظروف الراهنة.
كتب أحد المدونين تعليقاً على الحدث قائلاً: “تأهيل المستشفيات أولى من بناء القصور في هذه المرحلة الحرجة”، في إشارة إلى عشرات المستشفيات التي خرجت عن الخدمة بسبب الحرب أو نقص التجهيزات والكوادر الطبية. وأضاف آخر بلهجة غاضبة: “بينو القصور ويلمعوها ويسرفوا… والولاية الإعتبروها عاصمة عطشانة ليها سنين ما قادرين يحلوا المشكلة”، في إشارة إلى أزمة مياه الشرب التي تعاني منها بورتسودان منذ سنوات دون حلول.
أعرب العديد من المدونين عن أن خطوة افتتاح “قصر الشرق” تمثل استفزازاً لمشاعر ملايين الأسر السودانية التي فقدت منازلها وأعمالها وتبحث عن الغذاء والدواء والملاذ الآمن. كما شكك آخرون في جدوى تأهيل منشآت رئاسية فاخرة في ظل غياب مؤسسات الدولة وتدهور القطاعات الحيوية، معتبرين أن الأموال التي أنفقت على القصر كان ينبغي أن توجه لإعادة إعمار المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه التي دمرتها الحرب.
