لندن تجاهلت تحذيرات استخباراتية بشأن الفاشر

متابعات – سودان لايف نيوز – كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن وثائق حكومية سرية تؤكد أن المملكة المتحدة تجاهلت تحذيرات استخباراتية مبكرة بشأن احتمال وقوع تطهير عرقي وجرائم جماعية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، رغم امتلاكها معلومات دقيقة عن خطورة الوضع الإنساني والعسكري عقب سقوط المدينة.

وثائق حكومية تكشف الإهمال المتعمد
ووفقًا لما أوردته الصحيفة، فإن الحكومة البريطانية أعدت وثيقة داخلية العام الماضي تضمنت أربعة خيارات لحماية المدنيين في الفاشر، من بينها إنشاء آلية حماية دولية تهدف إلى منع جرائم الحرب والعنف الجنـ..سي.
إلا أن وزارة الخارجية البريطانية رفضت تنفيذ الخيارات المكلفة واختارت الخيار الأقل تكلفة، رغم أن الأجهزة الاستخباراتية البريطانية حذرت من كارثة إنسانية وشيكة في المنطقة.

وبحسب التقرير، فقد تم مراجعة الوثيقة بعد ستة أشهر من بدء حصار المدينة، لتتخذ لندن موقفًا محدودًا في التعامل مع الأزمة.

بريطانيا تختار الحل الأرخص رغم فداحة الخطر
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة البريطانية بررت تقاعسها عن التدخل الإنساني الشامل بـ”ندرة الموارد”، وهو ما أدى إلى اعتماد نهج محدود للغاية اقتصر على تخصيص 10 ملايين جنيه إسترليني فقط لدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعدد من المنظمات الإنسانية.
لكنها لم تتبنَّ أي خطة تدخل ميدانية أو دبلوماسية فاعلة لحماية المدنيين أو وقف القتال في دارفور.

الفاشر تسقط بعد عام ونصف من الحرب
وتأتي هذه المعلومات بعد إعلان قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر الماضي عن سيطرتها الكاملة على مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني في الفاشر، بعد قتال دام أكثر من عام ونصف.
وأدى سقوط المدينة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بصورة غير مسبوقة، إذ كانت الفاشر تمثل أكبر معقل للقوات الحكومية وآخر خطوط الدفاع الرئيسية في شمال دارفور.

انتقادات دولية حادة وتجاهل للتحذيرات
وتشير الوثائق المسربة إلى أن أجهزة الاستخبارات البريطانية نبهت السلطات منذ وقت مبكر إلى أن الفاشر مهددة بانهيار أمني وشيك، وأن سكانها المدنيين معرضون لخطر الإبادة الجماعية والاغتصابات المنظمة، لكن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات عملية لمنع الانتهاكات أو إرسال بعثة مراقبة ميدانية.

وأوضحت الغارديان أن هذا التقاعس البريطاني يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مسؤولية الدول الكبرى في حماية المدنيين ومنع الكوارث الإنسانية قبل وقوعها، خاصة بعد أن أظهرت الوثائق أن المعلومات الاستخباراتية كانت متوفرة ومؤكدة.

انتقادات داخل البرلمان البريطاني
وبحسب التقرير، فإن بعض النواب في البرلمان البريطاني وجهوا انتقادات لاذعة للحكومة، معتبرين أن “التقاعس البريطاني ساهم في تفاقم المأساة في دارفور”، فيما وصف آخرون القرار بـ”الوصمة الأخلاقية الجديدة في سجل السياسة الخارجية البريطانية”.

وطالب نواب بفتح تحقيق برلماني عاجل في كيفية تجاهل التحذيرات الاستخباراتية وعدم التحرك دبلوماسيًا أو إنسانيًا لحماية المدنيين السودانيين رغم توفر الأدلة.

خبراء: غياب الإرادة السياسية وراء الصمت
ويرى محللون أن موقف بريطانيا يعكس غياب الإرادة السياسية للتدخل الإنساني في السودان، خاصة في ظل تركيزها على أولويات أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا، معتبرين أن ما حدث في الفاشر هو إخفاق دولي جماعي تتحمل لندن جزءًا أساسيًا من مسؤوليته.

مخاوف من تكرار السيناريو في مدن أخرى
وحذر التقرير من أن استمرار التجاهل الدولي للأزمة السودانية قد يؤدي إلى تكرار السيناريو المأساوي في مدن أخرى بدارفور، داعيًا الأمم المتحدة وحلفاء السودان السابقين إلى التحرك العاجل لمنع المزيد من الفظائع.

وأكدت الصحيفة أن الوثائق التي حصلت عليها تمثل إدانة واضحة للسياسات الغربية تجاه السودان، وتكشف عن نمط خطير من التجاهل المقصود للتحذيرات الإنسانية والاستخباراتية.

Exit mobile version