أبرز المواضيعأخر الأخبار

الفزع الأكبر من انتهاء الحرب وحكاية “العلاقات الثنائية”..!

د. مرتضى الغالي

العالم كله يتحدث عن المفاوضات غير المباشرة التي تجري في واشنطون بين سلطة بورتسودان والبرهان وقواته المسلحة وبين قوات الدعم السريع حول إيقاف الحرب. إلا إعلام البلابسة و(صحفجية اريتريا).. فقد أعلن كبيرهم إن وفد البرهان ذهب لواشنطون ليبحث (العلاقات الثنائية).. وقال وهو يرتجف ما معناه: انه يريد أن يطمئن السودانيين بأنه (لا توجد أي مفاوضات لإحلال السلام وإيقاف الحرب)…!

العالم كله يعلم أن وفد نظام البرهان ووفد الدعم السريع موجودان في واشنطن.. فهل هي زيارة سياحية؟ أم تم ذلك بالمصادفة..؟! هل اطمأن البلابسة إلى كلام البرهان الذي قال فيه لن نفاوض ولن نقبل بالرباعية.. فقام مجلس سيادتهم (بما فيه بت عبد الجبار المبارك) بإصدار البيان الفضيحة في ورق مصقول وهو يؤكد على (عدم وجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة لإيقاف الحرب) ثم كذّب وزير خارجية البرهان بيان “مجلس سيادة البرهان” وأعلن في بيان علني مضاد عن وجود مفاوضات مع أمريكا بواشنطون (لدعم السلام في السودان)..!!

ثم يأتي كلام المبعوث الأمريكي المقرّب جداً من الرئيس الأمريكي “مسعد فارس بولس” الذي قال إن المباحثات تناقش (إنهاء الحرب في السودان وتبحث ملفات الإرهاب والعلاقات الثنائية)..!

وكل المراقبين في العالم يعلمون انه أضاف كلمة “مفاوضات ثنائية” من أجل إرضاء البرهان أو (زحلقته) لقبول المسعى الأمريكي والرباعية..! ولكن إعلام مؤيدي الحرب تجاهلوا عمداً الفقرة الأولى والثانية (إنهاء الحرب وملفات الإرهاب) ومسكوا في (العلاقات الثنائية).. وظهرت على وجوههم قترة وعلى شفاههم جفاف ونزل عليهم وجوم شديد. مع صعوبة بائنة في (بلع الرق)..!

إن خوفهم الأكبر أن تتوقف الحرب وينقطع باب المنفعة.. فانتهاء الحرب يعنى صفعة مدوية على الوجه وركلة طرشاء على القفا..!

هل هناك شك في وجود وفد البرهان بواشنطون وهم يعلمون أنه هناك؛ وأنه يضم وزير خارجيته محيي الدين سالم ورئيس هيئة استخباراته العسكرية محمد علي صبير ونائب مدير جهاز مخابراته العامة عباس بخيت وسكرتيره الخاص في مجلس سيادته عمرو أبو عبيدة..!

هذا هو الوفد.. وهذه هي المفاوضات… سواء نجحت أو تأجلت أو فشلت.. وسواء كانت مباشرة أو (عبر لفة الكلاكلة).. وسواء سحب البرهان وفده أو أبقاه.. فما داعي الكذب على النفس وعلى الناس بأن السفر إلى واشنطن كان من اجل (المباحثات الثنائية)..؟!

وحتى لا يخدع (البراهنة والكماملة والبلابسة) وقادة الحرب مناصريهم المنتفعين أو (المخمومين) فإن الرباعية التي يجلس في خيمتها وفد البرهان هي دول (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات).. وان مرامي هذه المفاوضات (أو إذا أردت أن تسميها المباحثات أو اللقاءات أو المشاورات أو المداولات) تتضمّن أربعة أهداف إستراتيجية أكدها المبعوث الأمريكي ولخّصها الصحفي الاستقصائي المتخصّص في كواليس الإدارة الأمريكية عبد الرحمن الأمين” وهي:

تحقيق وقف دائم لإطلاق النار

تأمين هدنة إنسانية عاجلة
وقف الدعم الخارجي لطرفي الحرب

المضي نحو انتقال للحكم المدني.

هذه ليست تخريجات أو تحليلات.. إنما (ترجمة حرفية) لما ذكره المبعوث الأمريكي مسعد بولس في تغريدته؛ ويلفت عبد الرحمن الأمين النظر إلى ما ختم به بولس تغريدته حيث ذكر الرئيس ترمب شخصياً وليس الإدارة الأمريكية بقوله: (الرئيس ترمب يريد السلام ونحن “متحدون” في التزامنا بإنهاء معاناة الشعب السوداني)..!

ويفسّر الأستاذ الأمين القصد من عبارة (نحن متحدون) بأن بولس عنى بها انه لا تباين في مواقف شركاء الرباعية..! ثم يشير أن الرباعية بمجمل عضويتها أقرّت إنشاء لجنة تشغيلية مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة..!

طيّب.. هل نحن كسودانيين مناصرين لثورة ديسمبر ومصطفين ضد هذه الحرب الفاجرة نعوّل على أمريكا في إقامة الحكم المدني وإعادة الاستقرار للسودان..؟! (أبداً والله)..!

هذا أمرٌ من شأن السودانيين وثورتهم وقواهم المدنية.. ولكننا مع إيقاف الحرب (بأعجل ما تيسّر).. صوناً لدماء السودانيين وحذراً من المآلات المُظلمة كقِطع الليل..! ولا احد يستطيع أن يمنع تفاعلات العالم الخارجي والأسرة الدولية مع هذه الكارثة الدموية المريعة…!

وإذا كانت جماعة الحرب وسلطة البرهان والكيزان لا تؤمن بذلك وترى أنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم.. وأنهم قادرون على تحدي الإرادة الدولية.. فما الذي يدفعهم للذهاب إلى جنيف والمنامة وواشنطون..؟! وما الذي دفع جماعتهم الإعلامية للذهاب إلى لندن (للدفاع عن الحرب) والترويج لها بأنها (ندوة عن السلام)..!

نهاية الحرب معناها إغلاق طاحونة الاسترزاق والنهب.. ومنع الكيزان من استباحة الوطن.. ولسنا في حاجة لتذكير أصحاب (الأوداج المنتفخة) بدماء السودانيين وكرامتهم المهدورة.. ولنتركهم لفزعهم الأكبر من فكرة نهاية الحرب..! تباً لمستجدي النعمة.. سارقي اللقمة… أصحاب القلب الخاوي و(الفك المفتري)… الله لا كسّبكم…!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى