تستعد دول المجموعة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لعقد اجتماع وزاري هو الثاني من نوعه بشأن الأزمة السودانية، بهدف الدفع نحو مرحلة وقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وبحسب ما أفاد به دبلوماسي سابق في الاتحاد الأفريقي لمنصة “الترا سودان”، فإن الاجتماع المرتقب سيُعقد يوم الأربعاء الموافق 24 سبتمبر 2025، ويأتي في سياق جهود متواصلة لتقليص التصعيد العسكري والوصول إلى تهدئة ميدانية تمهّد لمسار سياسي لاحق.
تركيز محدود
أوضح المصدر الدبلوماسي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن التحركات الحالية التي تقودها دول الرباعية تركز بشكل حصري على مرحلة وقف إطلاق النار، دون التطرق إلى تفاصيل العملية السياسية التي يُفترض أن تلي هذه المرحلة. وبيّن أن هذا التوجه يأتي في إطار محاولة لتفادي الخلافات بين الدول الأعضاء في المجموعة، لا سيما في ظل تباين وجهات النظر حول مستقبل الحكم المدني في السودان، وآليات الانتقال السياسي بعد انتهاء العمليات العسكرية.
مقترح هدنة
وكانت المجموعة الرباعية قد أصدرت بيانًا رسميًا في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، دعت فيه طرفي النزاع في السودان إلى الالتزام بهدنة إنسانية تمتد لثلاثة أشهر، على أن تتبعها ترتيبات انتقالية شاملة لمدة تسعة أشهر، تهدف إلى إطلاق عملية سياسية تؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة. هذا المقترح لقي ترحيبًا حذرًا من الحكومة السودانية، التي أبدت تحفظًا على بعض مضامين البيان، معتبرة أنه يتضمن إيحاءات تمس السيادة الوطنية، وتوحي بأن السودان يخضع لوصاية خارجية، وفق ما ورد في بيان وزارة الخارجية الصادر بتاريخ 13 سبتمبر 2025.
موقف رسمي
وفي سياق متصل، عبّر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال لقاء جمعه بالجالية السودانية في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 18 سبتمبر، عن ترحيبه بالجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب، مؤكدًا في الوقت ذاته على ضرورة احترام السيادة الوطنية وعدم المساس بها تحت أي ظرف. هذا التصريح يأتي في إطار محاولة رسم موقف متوازن بين الانفتاح على المبادرات الدولية وبين الحفاظ على استقلالية القرار السوداني في إدارة الأزمة.
غياب الرؤية
وفي محاولة لاستشراف مآلات الاجتماع المرتقب لدول الرباعية، أجرى مراسل “الترا سودان” مقابلة مع الباحث في الشؤون الدبلوماسية عمر عبد الرحمن، الذي أشار إلى أن المجموعة الرباعية باتت مقتنعة بضرورة وقف الحرب في السودان، لكنها تفتقر إلى استراتيجية واضحة لتحقيق هذا الهدف. وأوضح أن الاجتماعات غالبًا ما تتأثر بالخلافات الإقليمية وتقاطع المصالح بين الدول المعنية، ما يحد من فاعلية أي مبادرة مشتركة.
غياب المشاركة
وأضاف عبد الرحمن أن الولايات المتحدة لا تمتلك خطة متماسكة لوقف الحرب أو لاستعادة مسار الانتقال المدني، كما أن دول الإقليم، رغم اتفاقها المبدئي على ضرورة وقف القتال، لا تملك رؤية موحدة أو أدوات تنفيذية واضحة. وأشار إلى أن الملف السوداني يُناقش في المحافل الدولية والإقليمية دون إشراك أي طرف سوداني فعلي، ما يجعل مخرجات هذه الاجتماعات أقرب إلى وصفات جاهزة تُفرض على الأطراف المتحاربة، التي تجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بما يُعرض عليها، أو مواجهة عزلة دولية متزايدة.