
رصد – سودان لايف
تشهد مدينة أم درمان حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني وأعمال النهب المسلح، حيث تحولت أحياء بأكملها في مناطق الواحة والثورة إلى ساحة خوف ورعب بعد سلسلة من الهجمات التي نفذتها مجموعات مسلحة مجهولة، مستهدفة المواطنين في الشوارع وحتى داخل منازلهم.
“محرر سودان لايف” تابع شهادات مروعة نقلها سكان هذه الأحياء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعكس حجم الخطر الذي يتهدد حياة المدنيين يوميًا، في ظل غياب تام للإجراءات الأمنية.
أحياء أم درمان تعيش أسبوعًا من الرعب
المواطنة غيداء، وهي من سكان منطقة الواحة، وصفت ما جرى في مربع 19 بقولها: “عشنا أسبوعًا كاملًا من الرعب، مجموعات مسلحة تجوب الشوارع كأنها من السكان، تقتحم البيوت وتنهب الهواتف تحت تهديد السلاح”، مضيفة أن ستة منازل تعرضت للاقتحام في يوم واحد فقط.
لم يقتصر الأمر على مربع 19، بل امتدت الهجمات إلى مربع 7 حيث هدد المسلحون النساء والأطفال وجمعوا ما بحوزتهم من هواتف، ثم غادروا بكل أريحية دون أي تدخل أمني.
جرائم مسلحة بالأسلحة البيضاء والكلاشنكوف
من جهته، كشف المواطن علي جباي تفاصيل مرعبة عن ما جرى في الحارة الثامنة بالثورة. وأوضح أن مسلحين وضعوا أسلحتهم على رؤوس وصدر مواطنين بينهم الأستاذ عماد وبابكر عكريب، بينما أطلقت مجموعة أخرى النار داخل أحد المنازل ونهبت خمسة هواتف.
ويضيف جباي أن الهجمات لم تقتصر على السرقات، بل امتدت إلى اعتداءات جسدية، حيث قام أفراد من العصابات بضرب ابن شقيق الدكتور مجدي موسى نمر وجاره بالساطور، مما أدى إلى إصابتهما بجروح خطيرة نُقلا على إثرها إلى مستشفى النو.
غضب شعبي وانتقادات للحكومة
تصاعدت موجة غضب عارمة في أحياء أم درمان المتضررة، حيث عبر المواطنون عن استيائهم من غياب الدولة وتخاذل الأجهزة الأمنية.
غيداء كتبت عبر حسابها في فيسبوك: “هل هذه دولة أم غابة؟” قبل أن تضيف بلهجة غاضبة: “بتقولوا للناس ارجعوا على أي أساس؟ الما مات بحمى الضنك، حيموت برصاصة من حرامي رخيص”.
أما المواطن علي جباي فقد طالب السلطات بـ “حسم هذه الأعمال الإرهابية داخل الأحياء قبل أن تقع كارثة أكبر”.
تحول خطير في نوعية الجرائم
يرى مراقبون أن ما يجري في أم درمان يعكس تحولًا خطيرًا في نوعية الجرائم، حيث لم تعد الهجمات مقتصرة على النهب في الشوارع، بل تطورت إلى اقتحام المنازل واستخدام السلاح الناري والبارد ضد المدنيين.
ويؤكد سكان المناطق المستهدفة أن الوضع تجاوز حدود الاحتمال، مشيرين إلى أن استمرار غياب الأمن قد يقود إلى انفجار اجتماعي في وجه السلطات، خصوصًا وأن بعض المواطنين بدأوا يلوّحون بخيارات الدفاع عن أنفسهم في حال لم تتدخل الدولة.
مطالب عاجلة بتدخل أمني
المطالب الشعبية اليوم واضحة: انتشار أمني كثيف، تكثيف الدوريات، وتشديد العقوبات على العصابات المسلحة التي أصبحت تهدد الاستقرار في واحدة من أكبر مدن السودان وأكثرها كثافة سكانية.
ويؤكد الأهالي أنهم سيواصلون نشر شهاداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتم التحرك الجاد من قبل الدولة، معتبرين أن صمت الحكومة سيُفقدها ما تبقى من ثقة الشارع.
وفي ظل هذه الأوضاع، تبقى أم درمان نموذجًا صارخًا لمدى تدهور الوضع الأمني في السودان، وحاجة البلاد الماسة إلى حلول عاجلة توقف نزيف الفوضى وتعيد الطمأنينة للمواطنين.