الخرطوم – رصد خاص لـ “سودان لايف نيوز”
يواجه السودان ما يمكن وصفه بـ”كارثة صحية عظمى”، حيث أكد رئيس منظمات المجتمع المدني السودانية، الدكتور عادل عبد الباقي، أن الأوضاع الصحية “شديدة الخطورة وتكاد تكون كارثية” في ولايات رئيسية تشمل الخرطوم، الجزيرة، النيل الأبيض، وشمال كردفان. ينتشر وباء الكوليرا في هذه الولايات بصورة “مرعبة” منذ فبراير/شباط من العام الحالي، محولاً المستشفيات إلى بؤر مأساوية.
محرر “سودان لايف نيوز“، الذي يتابع بقلب مكلوم هذه المأساة الإنسانية، علم أن تفاقم الصراع العسكري أدى إلى خروج كامل للمراكز الصحية والمستشفيات في الخرطوم عن الخدمة. هذا الانهيار المدوي تزامن مع نقص حاد في الدعم الدولي للمنظمات المحلية، التي تجاهد لمواجهة الأزمة. المعلومة المفيدة والواضحة هنا هي الربط المباشر بين الحرب وانهيار القطاع الصحي وتراجع الدعم الخارجي.
“الموت على الأرض”: مشاهد صادمة في مراكز العزل وتجميد “كارثي” لعمل الإغاثة
تُقدم المشاهد القادمة من مراكز العزل في أم درمان صورة قاتمة للوضع، حيث توفي 40 طفلاً خلال أيام، وينام المرضى على الأرض لعدم وجود أسرة كافية. كما أُبلغ عن حالات وفاة في بلدة جبل أولياء جنوبي الخرطوم. هذه المآسي تتفاقم وسط انتقاد شديد من المتطوعين لـ**”تقاعس السلطات الصحية”** و**”عراقيل”** تُوضع أمام جهود الإغاثة.
وما فاقم هذه الأزمة، كما أوضح الدكتور عبد الباقي، هي “القرارات الأخيرة التي صدرت بتجميد كافة أنشطة تجمع منظمات المجتمع المدني وكافة المنظمات العاملة في الحقل الإنساني خلال الأسبوعين الماضيين.” هذه القرارات، التي وُصفت بأنها “جريمة بحق المواطن”، أدت إلى توقف “كل الأنشطة الإنسانية والإغاثية بكافة أنواعها”، بل إن المنظمات تتعرض لـ**”عرقلة بفرض رسوم”** عليها، مما دفع الجهات الأممية إلى “العزوف أو تقليل اهتمامها بالسودان”، في إشارة واضحة لتآكل ثقتها.
الكوليرا تضرب بلا هوادة: أرقام مفزعة ودعوات عاجلة لإعلان “الطوارئ الصحية”
تتوالى الأرقام المفزعة من الولايات الأخرى:
في سنار، ارتفع عدد الإصابات إلى 51 حالة بينها 5 وفيات، وسط تقارير عن تلوث مصادر المياه.
في مدينة الرهد بشمال كردفان، تم تسجيل 20 وفاة، و40 إصابة و5 وفيات في قرية أخرى شرق المدينة.
في ولاية الجزيرة، حذرت لجان مقاومة مدني من تفشي الكوليرا وحمى الضنك في ظل نقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية.
وفي مواجهة هذا الوضع الكارثي، تعالت الأصوات مطالبة بـ”إعلان الطوارئ الصحية العاجلة”. دعا محامو الطوارئ إلى إنشاء مراكز علاج، تحسين الصرف الصحي، تنظيم حملات توعوية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية “دون تدخلات سياسية أو أمنية”. رئيس منظمات المجتمع المدني طالب أيضاً “الحكومة في بورتسودان” بإعادة النظر في قراراتها، مؤكداً أن “المواطن هو الآن يموت ويدفع ثمن هذه الحرب وثمن هذه الكارثة.”
تأتي هذه الأزمة الصحية الطاحنة في ظل الحرب التي اندلعت في السودان في 15 أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي أثرت بشكل مدمر على الخدمات الصحية والمعيشية، وزادت من حدة أزمة النزوح الداخلي والخارجي، لتتحول البلاد إلى ساحة لمآسٍ متلاحقة.