أبرز المواضيعاخر الاخبار

اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة النهود: انتهاكات ممنهجة ونهب واسع وسط صمت دولي

متابعات سودان لايف نيوز

في تصعيد عسكري خطير، شنت قوات الدعم السريع، يوم الخميس، هجومًا واسعًا على مدينة النهود الواقعة في ولاية غرب كردفان، مصحوبًا بحملة اغتيالات واعتقالات وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين والعسكريين، بالتزامن مع عملية نهب وتخريب منظم طالت مؤسسات حكومية وخاصة، وعلى رأسها مقر ناظر قبيلة حمر، ما يعكس الانفلات الأمني وتدهور الأوضاع الإنسانية في الإقليم.

اقتحام المدينة وبداية المجازر

مع ساعات الصباح الأولى، تسللت مجموعات مسلحة تابعة للدعم السريع إلى قلب مدينة النهود، مستغلة الفراغ الأمني وتراجع قوات الجيش السوداني إلى اللواء 18 مشاة في شرق المدينة، حيث بدأت القوات المهاجمة باقتحام الأحياء السكنية وترويع المواطنين العزل.

ووفقًا لما أفادت به لجان مقاومة النهود، فإن المليشيا نفذت اغتيالات بدم بارد ضد مدنيين رفضوا مغادرة منازلهم، وأصروا على البقاء دفاعًا عن كرامتهم وممتلكاتهم. وقد وصفت اللجان ما حدث بأنه “جريمة مكتملة الأركان” تستوجب الإدانة والمحاسبة.

نهب وتخريب المرافق الحيوية في المدينة

لم يتوقف بطش الدعم السريع عند استهداف المدنيين، بل امتد ليشمل نهب سوق المدينة الرئيسي، وتخريب عدد من المؤسسات الحكومية، ومقرات تابعة لقوات الشرطة والاحتياط المركزي. وذكر شهود عيان أن عناصر المليشيا اقتحمت مقر ناظر قبيلة حمر عبد القادر منعم منصور، حيث عبثوا بالأثاث ونهبوا مقتنياته، في مشهد مهين يفتقد لأي احترام للرموز الأهلية والاجتماعية.

كما طالت أعمال النهب مصارف المدينة، من بينها بنك الخرطوم، بالإضافة إلى سرقة مركبات المدنيين وممتلكاتهم الشخصية من المنازل، في هجوم منظم لا يختلف في طبيعته عن عمليات الغزو المسلح.

تصفية قادة الأمن وتدهور في بنيان الدولة

في إطار استهداف البنية الأمنية والإدارية للمدينة، تحدث ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي عن اغتيال مدير شرطة محاكم النهود الرائد أحمد عبد الله وزوجته، وهي جريمة مروعة تعكس النهج العنيف للمليشيا في تصفية القيادات الأمنية. ورغم عدم التأكد من تفاصيل الحادثة نتيجة ضعف شبكة الاتصال، إلا أن كثرة الشهادات تدعم صحة هذه الرواية المأساوية.

تحركات الدعم السريع: تعزيزات وقيادة ميدانية مدربة

شهدت الأسابيع الماضية تحركات عسكرية مكثفة للدعم السريع باتجاه محيط النهود، حيث أرسلت تعزيزات من دارفور بقيادة علي رزق الله الشهير بـ”السافنا”، والذي شوهد داخل المدينة. وقد بثت المليشيا مقطع فيديو يظهر متحدثها الرسمي الفاتح قرشي محاطًا بمقاتلين أمام مقر الحكومة المحلية، في محاولة لإظهار السيطرة والهيمنة.

هذه التحركات تؤكد أن الهجوم كان مخططًا له مسبقًا، ويستهدف مدينة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، إذ تُعد النهود حلقة وصل بين كردفان ودارفور، وتشتهر بإنتاج الفول السوداني والصمغ العربي، فضلًا عن كونها من أكبر أسواق الماشية في البلاد.

انسحاب تكتيكي للجيش وتماسك في الشرق

رغم فقدان السيطرة على وسط المدينة وبعض أحيائها، فإن الجيش السوداني لا يزال يسيطر على الجزء الشرقي من النهود، وخاصة قاعدته في جبل حيدوب، حيث يتمركز اللواء 18 مشاة. وقد تمكنت القوات من صد عدة هجمات متتالية من الدعم السريع، ما يدل على أن المعركة لم تُحسم بعد، وأن هناك بوادر مقاومة منظمة في الأفق.

دعوات شعبية للتوثيق والمقاومة

في ظل الغياب التام لأي تدخل دولي أو أممي، أطلقت لجان مقاومة النهود نداءً عاجلًا إلى المواطنين لتوثيق الانتهاكات والجرائم بالصوت والصورة، والتصدي لما وصفوه بـ”آلة القتل والإرهاب”. كما دعت شرفاء المدينة إلى الوقوف صفًا واحدًا في وجه هذا العدوان، والعمل على استعادة المدينة من قبضة المليشيات.

إلى أين تتجه الأوضاع في النهود؟

تبقى النهود تحت نيران التصعيد العسكري وسط تدهور مستمر في الوضع الإنساني والخدمات الأساسية، مع غياب واضح للمنظمات الإغاثية، وارتفاع خطر الانفجار الأمني في المناطق المحيطة. ولا تزال قوافل الدعم السريع تنسحب نحو بلدة ود بندة شمال دارفور ومدينة الفولة عاصمة غرب كردفان، محملة بالمسروقات التي تم نهبها من ممتلكات المواطنين.

من هنا، فإن صمت المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في غرب السودان يطرح تساؤلات مقلقة حول ازدواجية المعايير وغياب الإرادة الحقيقية لإنقاذ المدنيين من براثن الحرب والانتهاك.

خاتمة: هل يستفيق الضمير الإنساني؟

ما يحدث في النهود هو انتهاك صارخ لكل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية، ويتطلب وقفة حاسمة من القوى الوطنية والإقليمية والدولية لردع هذا التغول على كرامة الإنسان السوداني، وحماية ما تبقى من مؤسسات الدولة في وجه التفكك والانهيار.

النهود تنزف، والنداء الأخير يُوجه إلى الضمير الحيّ.

 

مصدر الخبر 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى