
أحمد المهدي
يوزف غوبلز وزير الدعاية في ألمانيا النازية وصاحب نظرية ” أكذب، أكذب حتى يصدقك الناس ” لديه مقولة أخرى شائعة يقول فيها “اعطني إعلامًا بلا ضمير، أُعطيك شعبًا بلا وعي.”
وقد صدق في قوله هذه المرة لأن الإعلام فاقد الضمير ضال ومضلل ودائما ما تجده مسنود بالسلطة الفاسدة في الكثير من بلدان العالم مثلها مثل المؤسسات الاعلامية في السودان التي ظلت لسنوات طويلة تمارس تزييف الوعي بواسطة إعلاميين جبلوا على المداهنة والتضليل والكذب وبذلوا أنفسهم في خدمة الدكتاوريات وتمجيد المسؤولين بدلًا من تثبيت الحقيقة وكان نتيجة ذلك خلق متلقي تابع وناقل بلا وعي عوضا عن المتلقي الواعي المثقف المتكشف للحقائق والغيور على وطنه.
وقد كشفت الحرب الدائرة الآن في بلدنا أن الصحافة والمؤسسات الإعلامية عموما ما هي إلا مصنع للأكاذيب وتزييف الحقائق ظلت تقوم بتضليل الكثير من الناس وخداعهم لتأيد وخوض حرب لا مصلحة للسودانيين فيها عبر جوقة من الصحفيات والصحفيين من المأجورين الذين يربط بينهم علاقات مع فلول النظام السابق مع بعض الذين باعوا ضميرهم مقابل المصالح الاقتصادية الذاتية و يعاونهم في ذلك نشطاء منبتين من الذين لديهم عداء غير مبررة لقيم الحرية والعدالة
وظلوا على الدوام مكمن الشروور والفتن التي واجهت الثورة وقوضت مسيرة الإنتقال المدني الديموقراطي. فتمكنوا من خلق رأيا عاما مشوشا ومنقسما غير قادر على تحديد الحقيقة الواضحة.
كما أظهرت هذه الحرب العبثية أيضا بؤس صحافتنا ومؤسساتنا الإعلامية من خلال الفشل المريع في بناء مرصد موثوق يتتبع عدد القتلى من المدنيين الذين قضوا نحبهم جراء هذا النزاع وتقوم أيضا بتتبع أعداد النازحين ورصد معناتهم والانتهاكات التي ظلوا دوما يتعرضون لها بدقة لتغطية أهمال الإعلام والصحافة العالمية لمأساة السودانين وانشغالهم عنا بمأساة حروبات أخرى يروا في نقل فظائعها الى العالم ذات أهمية أكثر من كل الفاظئع والانتهاكات التي تحدث لنا.
ولمعالجة هذه المعضلة على المجلس القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) الشروع فورا في القيام بإنشاء مؤسسات إعلامية لخدمة الثورة ومنافح عن قيم الديمقراطية والتحول المدني وكذلك لكشف زيف الاعلام المأجور عبر توفير المعلومة الصحيحة بالاضافة لبث الوعي الحقيقي في مجتمعاتنا.
يجب إلا يترك الأمر للإعلام الفاقد للضمير كي يصول ويجول بنشر سمومه واكاذيبه في مجتماعتنا ولابد من أن يتصدي له الإعلام الواعي ذو الضمير الذي يكشف للناس زيفها وعمالتها .
وجود الصحافة والاعلام المستنيير ودوره الايجابي في تمليك الحقائق أمر ضروريا ولا غنى عنه في حياة أى مجتمع ، ومثل ما قال جوبلز اعطني إعلامًا بلا ضمير، أُعطيك شعبًا بلا وعي. كذلك الشعب المتخلف الذي يعوزه الوعي ، لا ينتج إلا إعلاما بلا ضمير.