ازدادت ولم تحقق مطالبها.. المواكب.. (واقف في باب الانتظار)

تعود المواكب إلى الشارع اليوم بمليونية (30) يونيو، وكثير من المواكب والمليونيات خرجت منذ سقوط النظام البائد معظمها كان إحياءً لذكرى مرتبطة بالثورة، وأخرى مطالبة بالقصاص للشهداء وتحقيق أهداف الثورة واستكمال أجهزة الحكم، ومواكب مناهضة للقرارات الحكومية التي اتخذتها، في ظل الصعود والهبوط في الأداء الحكومي والتباطؤ في حسم بعض الملفات المهمة، في مقابل الطموح الكبير للشارع، الأمر الذي جعل النظرة العامة للحكومة دون المستوى، وظلت المواكب ترسل رسالة واضحة للتأكيد على أهداف الثورة (حرية سلام وعدالة) وحث الحكومة على تحسين أدائها، لكن الذكرى الثانية لموكب (30) يونيو تأتي في ظل انقسام القوى السياسية الداعمة للحكومة، لأسباب تتعلق باختلاف الرؤى حول السياسات والبرامج التي تتبعها الحكومة، الأمر الذي دفع بعض القوى السياسية للمطالبة باسقاط الحكومة في مواكب (30) يونيو، والمواكب رغم تباين أهدافها والجهات المنظمة لها إلا أنها تمثل ضغطاً كبيراً جداً على الحكومة، بالرغم من أن عدداً كبيراً منها لم تحقق أهدافها التي خرجت من أجلها.

وفي مقابل ذلك حاولت الحكومة تحييد بعض الشعارات الداعية لاسقاطها، عبر بذل مزيد من الوعود بتحقيق العدالة والقصاص للشهداء، والمبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والقرارات التي خرجت بها الاجتماعات المغلقة لمجلس الوزراء، ورغم كل ذلك نجد أن الحكومة غير آبهة بهذه المواكب، بيد أنها تمضي في تنفيذ سياساتها التي تزيد العبء على كاهل المواطن، وليس أدل على ذلك من القرارات التي اتخذتها أخيراً بتحرير الوقود وتعديل الدولار الجمركي.

والشاهد أن تعدد المواكب في الفترة الأخيرة وفي أوقات متقاربة، يجعلنا نذهب إلى أن هناك شيئاً ما سوف يحدث في موكب اليوم (30) يونيو، لجهة أن عناصر عملية الانتقال في البلاد لن يصبروا كثيراً على هذه المواكب، ونجد أن هذا المشهد تكرر في الأيام الأخيرة من حكم الإنقاذ، وكثرة المواكب المطالبة باسقاط النظام، إلى أن وصلت إلى اعتصام القيادة العامة الذي أدى لاسقاط حكومة الإنقاذ.

ويرى المحلل السياسي د. معتصم أحمد الحاج أن التأثير السياسي للمواكب في الحكومة ضعيف، وتظل حركة ضغط وتنبيه للحكومة كي تسير في خط الثورة وتحقق أهدافها، وقال في حديثه لـ (الانتباهة) إن مطالب المواكب لا تتحقق على الفور، وتحتاج إلى نفس طويل كي تتحقق، لجهة أن الحكومة مواجهة بضغوط كثيرة جداً، وأكد أن عدم تحقيق مطالب الثوار في المواكب التي تخرج بعدم الاستجابة من الحكومة لهم، بل هي موازنات والوضع العام يؤدي لهذا البطء في التنفيذ، وأضاف قائلاً: (لذلك قد تتكرر المطالب في عدد من المواكب).

وأشار د. معتصم إلى أن كثرة المواكب تأتي تأكيداً للحفاظ على حيوية الثورة واستمراريتها، وليس بالضرورة أن تقف وراءها قوى سياسية، وهي عبارة عن مجموعة من الشباب، وأعتبر موكب (30) يونيو حدث عظيم وكبير، لجهة أنه أسقط محاولة انقلاب على الثورة، وقال: (ان (30) يونيو جعل الذين يفكرون في الانفراد بالسلطة يعيدون التفكير في السير في طريق الثورة، وأملنا أن تتم كل أهداف الثورة بالسليمة والتعبير السلمي).
ويرى القيادي في حزب الأمة القومي يوسف الصادق الشنبلي أن كثرة المواكب تعطي مؤشراً بأن الحكومة تسير في اتجاه غير صحيح، لأن معظم المواكب الكبيرة تكون مواكب ضغط ومطلبية تنادي بعدة حقوق ظل ينادي بها الثوار لأكثر من عامين ولم تحققها لهم الحكومة الانتقالية التي ظلت تماطل وتراوغ، وتحاول أن تكسب الوقت، وتغض الطرف تماماً عن تحقيق أهداف الثورة ومطالب الثوار الحقيقية.

ويؤكد يوسف في حديثه لـ (الإنتباهة) أن بعض المواكب حققت أهدافها بالرغم من عيوبها الكثيرة وعدم تنظيمها وتأمينها واختلاف أهدافها وتعدد مراكز قراراتها وعدم وجود قيادة موحدة، ومن ضمن المواكب التي حققت أهدافها الموكب المشهود في 30 /6 /2019م الذي توج حينها بتوقيع الوثيقة الدستورية وتسليم السلطة لحكومة مدنية، ولولا هذا الموكب ما كان لهذا الأمر أن يتم، وأكد أن المواكب بالرغم من أهميتها إلا أنها لا تتفق على مطالب كلية وموحدة وتتم فيها تجزئة المطالب، والسبب في ذلك عدم وجود برنامج ورؤية موحدة للحاضنة السياسية.

وقال الشنبلي إن أمر الدعوة لخروج المواكب يخرج بصورة عشوائية وفوضوية وفردية، وأحياناً يتم فيه تجاوز (الحرية والتغيير) التي تعتبر الحاضنة للحكومة الانتقالية، وأصبح الأمر متاحاً للكافة، ويمكن لأية عشرة أفراد من الناشطين السياسيين أن يقرروا الدعوة للخروج في مواكب بدون مشاورة أحد وبدون علم الحاضنة أو الاتفاق على هذا التحرك، وأصبح الأمر بعيداً عن النظام والانضباط وغياب القيادة الموحدة وعدم الاتفاق على الأهداف والمطالب، والكل يحاول أن يجير هذه المواكب لخدمة أجندته وأهدافه الخاصة.

Exit mobile version