تعويم الجنيه … قضي الأمر الذي فيه تستفتيان

وزير المالية: قرار التعويم قرار صعب وجراحة عميقة لاستئصال المرض

محافظ بنك السودان: الحكومة لن تتدخل في تحديد السعر

الخرطوم ـ عماد النظيف

في خطوة جريئة أعلن بنك السودان المركزي أمس توحيد سعر الصرف بصورة مرنة، هذا القرار من شأنه التأثير على الأوضاع المعيشية، بارتفاع الأسعار وزيادة معدل التضخم. وتأتي الإجراءات الاقتصادية في وقت يعيش فيه المواطن وطأة المعاناة المتزايدة، بحسب خبراء أن الحكومة بذلك نفذت معظم شروط البنك الدولي لإصلاح الهيكلية المزمنة، والاستفادة من مبادرة الدولة المثقلة بالديون .

? تحسن الأوضاع الاقتصادية :

وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم، إن توحيد سعر الصرف بصورة مرنة يهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مشيراً إلى أنهم اضطروا إلى اتخاذ قرار تعويم الجنيه.

وأوضح جبريل في المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس بشأن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، أن هناك اختلالات وعجزاً في الموازنة وميزان المدفوعات وتآكلاً مريعاً في سعر صرف الجنيه السوداني وتوسيع دائرة الفقر. وقال: إزاء هذا الوضع ما كان لنا أن نتفرج ونترك الحبل على القارب، معتبراً أن قرار التعويم قرار صعب وجراحة عميقة لاستئصال المرض، وأضاف أن الحكومة اتخذت قرار تعويم الجنيه بعد وضع تدابير مع بنك السودان المركزي ووزارة التجارة لضمان انخفاض الطلب على العملات الأجنبية، وأعلن أن الحكومة وضعت كل الترتيبات لعرض كاف من العملات الأجنبية للتحكم في سعر الصرف. وأقر أن هناك آثاراً تضخمية متوقعة إلا أنه أكد قدرتهم على معالجة كل الآثار التضخمية، وتوقع وزير المالية حدوث استقرار كبير في سعر الصرف علاوة على توقعاته بتدفقات لعملات أجنبية للبلاد، بالإضافة الى إعفاء الديون.

وزاد “القرار اتخذ في ظرف إقليمي ودولي مهم وعلاقة موجبة سيساعدنا في استقرار اقتصادنا”. وتابع “اتخذنا تدابير قبل تعويم الجنيه باستيراد احتياجاتنا من الوقود والدقيق والدواء”.

وأكد جبريل أن ارتفاع الأسعار المرتقب جراء توحيد سعر الصرف، سيواجه بدعم الأسر الفقيرة وأنهم رصدوا (5) دولارات لأي فرد في الأسرة، وأن الدعم سيغطي (80%) من الأسر.
وقال الوزير،إن قرار توحيد سعر الصرف لا يشمل الدولار الجمركي وتجري الآن مشاورات مع هيئة الجمارك ووزارة التجارة لتحديد قيمته .

? خطة احترازية :

وأكد وزير المالية استعداد الحكومة لمواجهة الآثار المترتبة على توحيد سعر الصرف،وقال إن تلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تمت وفق خطة وضعت لهذا الأمر وشاركت فيها عدد من الجهات ذات الصلة، وأن تلك القرارات ستساعد في تحسين سعر الصرف واستقطاب تحويلات المغتربين والحد من تهريب السلع والإسهام في العمل على إعفاء ديون السودان، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات ستسهم في دفع العملية الاقتصادية في البلاد.

وحول وصول منحة من الخارج وماهو احتياطي بنك السودان المركزي لمواجهة السوق الموازي، كشف جبريل عن وصول كميات ضخمة من العملات الصعبة، لكنه تحفظ على الحديث عن قدرها وحجمها، وأضاف “المركزي لديه مايمكنه من التدخل متى ما رأى ذلك، ونفى بأن يكون قرار توحيد سعر الصرف إملاء من جهات خارجية،لكنه أشار إلى أن هناك جهات وعدت بتقديم مساعدات في حالة تحرير سعر الصرف، وبريطانيا تعهدت بسداد (100) مليون دولار لبنك التنمية الإفريقي من الديون.

? ترشيد وضبط :

وأفصح جبريل عن قرارات لضبط استيراد السلع غير الضروية “كمالية”، لتقليل وترشيد الطلب على النقد الأجنبي،غير أنه ناشد المغتربين والمواطنين بدعم القرارات وإيداع تحويلاتهم في البنوك وزاد ” نحن كمواطنين محتاجين نتعاون لتحسين أسعارنا “.

? غير مجزٍ : 

فيما قال محافظ بنك السودان المركزي الفاتح زين العابدين إن تحديد 55 جنيهاً للسعر التأشيري للدولار لم يكن مجزياً، وتابع أن ملامح الاختلالات في الاقتصاد السوداني بدت واضحة في التضخم وتعدد أسعار الصرف وبدأت الاختلالات عند ذهاب البترول، ووضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب .

وكشف المحافظ عن جاهزية أموال دعم الأسرة الضعيفة اعتباراً من اليوم، لكنه عاد وقال الأمر متروك لجاهزية وزارة المالية، وأوضح أن تصديقات النقد الأجنبي للمرضى والمسافرين تخضع لشروط وإجراءات محددة،لكنه استدرك قائلاً: كل شيء قابل للمراجعة والتعديل بمرور الوقت .

وأشار إلى أن الحكومة لن تتدخل في تحديد السعر،وأن توحيد سعر الصرف سينتج عنه تحويل كل الموارد من السوق الموازي للسوق الرسمي وسيحفز المنتجين،وسيسهم في تدفقات النقد الأجنبي من الخارج ويسهم في الحد من التهريب ومنع المضاربات. وأبان أن قرار سعر الصرف المرن سيسهم في تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي، بما يضمن منحاً وقروضاً من المناحين وسيوقف المضاربات، وإطلاق خدمات الدفع الإلكتروني مع بنوك عالمية عبر شركة ماستر كارد وغيرها.

وقطع أن البنك المركزي سيراقب الأوضاع ويتدخل في الوقت المناسب لتصحيح الأوضاع، وقال إن القرار ليس تحريراً لسعر الصرف،بل هو تطبيق سعر الصرف المرن المدار، وتعهد بمراجعة سياسة حصائل الصادر مراجعة كاملة،ودعا شركات الصرافة والبنوك الأجنبية للدخول للسودان، بعد تطبيق “النافذة المزدوجة “.

? حظر السلع الكمالية : 

وشدد وزير التجارة والتموين علي جدو،على ضرورة منع استيراد بعض السلع غير الضرورية، وأضاف “سنرفع أسعار السلع الكمالية” لكنه جدد التزام الحكومة بالاتفاقيات الدولية وخاصة الكوميسا .

وقال وزير التجارة،إن قرار توحيد سعر الصرف صعب ويتوقع أن تكون له آثار جانبية،لكن الإجراءات كفيلة بتخفيف وطأة الإجراءات، مثل برنامج سلعتي وتشغيل كل الجمعيات التعاونية وتشجيع الصادر وترشيد استيراد السلع الكمالية.

وأكد على أهمية تعديل قانون الاستثمار والتجارة الخارجية، وتحديث الخطة القانونية واستئناف المفاوضات مع منظمة التجارة العالمية. وتعهد بكشف المتلاعبين بحصائل الصادر في الوقت المناسب، وأوضح أن الهدف من برنامج “سلعتي” إنهاء دور الوسطاء،وتحويل الشركة السودانية لاستيراد السلع إلى شركة مساهمة عامة،غير أنه قال القرارات الأخيرة ستجد مقاومة.