
تقرير: فتحية عبدالله
مؤخراً أثار إضافة عدد ثلاثة مقاعد لمجلس السيادة، جدلاً واسعاً بالساحة السياسية السودانية، وفتح الباب أمام تساؤلات عديدة لاسيما ضرورة المقاعد الثلاثة، وأهمية المجلس نفسه في ظل وجود مجلس شركاء الحكم الانتقالي، ومجلسي الوزراء والتشريعي، لكن السؤال الأكثر إلحاحاً، ماذا أضاف أعضاء المجلس القدامى؟
الشاهد أن مجلس السيادة المنوط به الإشراف على المرحلة الانتقالية، جاء عقب اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية لقوى الثورة)، ووقتها اتفق الجانبان على أن يتكون المجلس من 11 عضواً، خمسة عسكريين يختارهم المجلس الانتقالي، وخمسة مدنيين يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير، بالإضافة إلى مدني يتفق الجانبان على اختياره.
وتنقسم رئاسة المجلس السيادي إلى فترتين، يرأس فترتها الأولى عضو يختاره الأعضاء العسكريون الخمسة في المجلس، في حين يرأس المدة الثانية عضو مدني يختاره الأعضاء الخمسة المدنيون الذين اختارهم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
وتشمل صلاحيات المجلس السيادي تعيين رئيس مجلس الوزراء القومي، واعتماد أعضاء مجلس الوزراء الذين يعينهم رئيس مجلس الوزراء، واعتماد ولاة الولايات بعد تعيينهم من رئيس مجلس الوزراء، واعتماد تعيين أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، والموافقة على تشكيل مجلس القضاء العالي، واعتماد تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من قبل مجلس القضاء العالي، بجانب الموافقة على تعيين النائب العام بعد اختياره من قبل مجلس الوزراء، واعتماد سفراء السودان في الخارج بترشيح من مجلس الوزراء، وقبول واعتماد السفراء الأجانب لدى السودان.
ولأن الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قد توافق الشارع عليه ليكون رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي بعد الإطاحة بالفريق أول ركن عوض ابن عوف عقب إسقاط حكومة البشير، فقد توافق المكون العسكري عليه لقيادة المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية التي مددت بموجب اتفاقية سلام جوبا إلى أربع بدلاً عن ثلاث سنوات، ونظراً لصعوبة الفترة المحيطة بسياج من التحديات فقد دون التاريخ إنجاز الرجل لعدد كبير من الملفات غير أن الملف الأبرز هو التطبيع مع إسرائيل حيث كان أول مسؤول سوداني بالحكومة الانتقالية يلتقي بمسؤولين إسرائيليين، وخلص اللقاء إلى إبرام صفقة التطبيع لأجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما حرك الشارع السوداني، وتسبب في انقسام الساحة السودانية وقتها إلى مؤيد ومعارض للخطوة، وبعد اعتداءات الجيش الإثيوبي على أفراد من الجيش السوداني، أطلق البرهان تعليمات تحركت بموجبها قوات كبيرة من القوات المسلحة لاستعادة الأراضي المغتصبة من الجارة إثيوبيا.
وبحُكم أن الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بـ(حميدتي) نائباً لمجلس السيادة، فقد تمكن الرجل من إحداث اختراق واضح في ملف العلاقات الخارجية خاصة منطقة الخليج، غير أن أحداث عملية فض اعتصام الثوار من أمام مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة مثلت وصمة عار على الرجل داخلياً، باعتباره قائداً لقوات الدعم السريع، التي أشارت الصور والفيديوهات إلى مشاركتها بالمجزرة التي راح ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى والمفقودين.
أما الفريق شمس الدين كباشي الذي برز إلى واجهة الأحداث إثر تشكيل المجلس العسكري الانتقالي عقب الإطاحة بالرئيس البشير، وكان الوجه الأبرز لإعلان بيانات المجلس الانتقالي في وسائل الإعلام بحكم أنه كان ناطقا رسميا باسمه، فقد وجد دون غيره من عضوية المجلس السيادي (العسكرية) سخطا واسعا من الشارع السوداني، عكس الفريق أول ياسر عبدالرحمن حسن العطا، حيث اعتبرته عدد من القوى السياسية الثورية بمثابة خميرة عكننة في فترة الانتقال، واتهمته الحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو بالتسبب في فشل الورشة التي انعقدت سابقا بين الوفد الحكومي ووفد الحركة الشعبية بجوبا والتي أقرت العلمانية في التفاوض مع الأخير، ما دفعه للدخول في حرب شرسة مع رئيس مجلس الوزراء القومي.
ويُعد اللواء الركن مهندس إبراهيم جابر كريم من أكثر المسؤولين السودانيين دعماً للتطبيع والتقارب بين السودان وإسرائيل، وخلال الفترة السابقة ومنذ لقاء البرهان- نتنياهو في أوغندا مطلع العام السابق عمل الرجل -بتنسيق مع البرهان- على التخطيط والترتيب والإعداد للخطوة التالية، وبالرغم من وفاة “نجوى قدح الدم” قد أربكت التواصل بين الطرفين إذ إنها كانت القناة الرئيسية للاتصال بين المكون العسكري في المجلس السيادي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلا أن جابر ظل من وراء ستار يدير التنسيق مع إسرائيل بطريقة غير مباشرة، مكتسبا ثقة رئيسه عبدالفتاح البرهان.
وعائشة موسى السعيد إحدى أعضاء تحالف قوى الحرية والتغيير بالمجلس السيادي، والتي عرفت بنشاطاتها الثقافية، فقد وجهت بسهام نقد لاذع إبان إطلاقها سراح عدد 10 آلاف نزيل بسجن الهدى، بل حملها الشارع السوداني مسؤولية الانفلات الأمني الكثيف الذي شهدته العاصمة الخرطوم عقب ذلك القرار، غير أنها لم تأبه بذلك، وعندما أعلن عن تشكيل مجلس الشركاء الانتقالي، قالت السعيد إن هذا “انقلاب صريح” على أجهزة الدولة المدنية بهياكلها المعروفة، وقفز فوق صلاحيات هذه الهياكل وأضافت إن “الحاضنة السياسية همشت المكون السيادي المدني وقذفت بممثليها إلى المجلس وتناستهم تماما، وكان ذلك متعمدا وتمهيدا لاستبدال السيادي بمجلس الشركاء”.
وبحسب مراقبين فلم يكن لعضوي المجلس السيادي مولانا حسن محمد شيخ إدريس، وصديق تاور أي دور يذكر طيلة الفترة الماضية، فقد ظلا هادئين كما العضو التوافقي رجاء نيكولا عبد المسيح التي تمثل أول سيدة قبطية تتولى عضوية المجلس السيادي في السودان.
أما محمد الفكي سليمان، فقد كان حاضرا بالمشهد السوداني على الدوام باعتباره ناطقا رسميا للمجلس، فيما مثل محمد حسن عثمان التعايشي القلب النابض لمجلس السيادة حيث كان أنشط الأعضاء وأسرعهم في إنجاز المهام، واستطاع بحنكته رفقة آخرين إقناع حركات الكفاح المسلح للجلوس إلى طاولة التفاوض والتي انتهت بتوقيع الأطراف على اتفاق سلام جوبا الذي بموجبه أضيف عدد ثلاثة مقاعد لمجلس السيادة.