
أثارت زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، وتصريحات الرئاسة المصرية بشأنها، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية السودانية. فقد أعلن الجانبان — السوداني والمصري — توافقهما على اعتبار الآلية الرباعية الدولية إطارًا مناسبًا للعمل نحو وقف الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان، ما أعاد النقاش حول فرص التسوية السياسية ومستقبل العملية التفاوضية.
توافق مصري سوداني حول “الآلية الرباعية”
البيان الصادر عن الرئاسة المصرية يوم الأربعاء أوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي والفريق البرهان اتفقا على دعم جهود الآلية الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، مشيرًا إلى تطلع الجانبين لأن يسفر اجتماعها المرتقب في واشنطن خلال أكتوبر الجاري عن خطوات ملموسة نحو وقف إطلاق النار والوصول إلى تسوية سياسية شاملة.
وفي المقابل، التزمت وزارة الخارجية السودانية الصمت حيال الآلية في تصريحاتها عقب الزيارة، مكتفية بالإشارة إلى “تطابق وجهات النظر” حول قضايا إقليمية أبرزها مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة.
تباين داخلي في المواقف
ردود الفعل داخل السودان تباينت بين من اعتبر موقف البرهان خطوة إيجابية نحو سلام شامل، ومن رأى فيه تنازلًا سياسيًا غير مبرر. بعض القوى المدنية، مثل تحالفَي “صمود” و**“تأسيس”**، دعمت الانخراط في مبادرة الرباعية، في حين أبدت وزارة الخارجية وبعض التيارات المؤيدة للجيش تحفظها على المقترح، ما يعكس استمرار الانقسام السياسي حول المسار الدولي للأزمة.
اجتماع واشنطن المرتقب
مصادر دبلوماسية كشفت لـ”سودان لايف” أن وزراء خارجية الدول الأربع في الآلية الرباعية قد يجتمعون الجمعة المقبل في واشنطن، لمناقشة تنفيذ خارطة الطريق التي أعلنت في 12 سبتمبر الماضي، والتي تدعو إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تمهيدًا لعملية انتقالية شاملة خلال تسعة أشهر.
خطاب البرهان: قبول مشروط بالتفاوض
في كلمته الأخيرة بولاية نهر النيل، أكد البرهان أن السودان لا يرفض التفاوض مع أي جهة تسعى للسلام، بشرط أن يتم “في إطار يحفظ كرامة البلاد ولا يفرض إرادات خارجية”. وأضاف:
“نرحب بأي جهة تأتي من أجل السلام، لكنها خاضعة للشعب السوداني، ولا أحد يفرض علينا حكومة أو شخصيات رفضها الشعب”.
هذا التصريح فُسّر بطرق متباينة، إذ اعتبره البعض إشارة إلى قبول مشروط بمساعي الرباعية، بينما رآه آخرون رفضًا ضمنيًا للتدخل الدولي.
دعم مدني وتفاؤل حذر
القيادي في تحالف “صمود” الدكتور بكري الجاك وصف الآلية الرباعية بأنها “فرصة ذهبية للسودانيين المنهكين من الحرب”، مؤكدًا استمرار الجهود لدعمها حتى الوصول إلى هدنة إنسانية وترتيبات سياسية جديدة.
من جانبه، أوضح القيادي بابكر فيصل أن الجيش وقوات الدعم السريع “منحا الرباعية الضوء الأخضر للمضي في تنفيذ خارطة الطريق”، لكنه ربط نجاحها بمدى معالجة جذور الأزمة السودانية.
تحركات إقليمية ومواقف مصرية
مصادر مصرية أكدت أن موقف القاهرة “ثابت في دعم وحدة السودان وسيادته”، وأن جهودها تتركز على وقف إطلاق النار وتهيئة بيئة تفاوضية تتيح دخول المساعدات الإنسانية.
الكاتبة المصرية أمينة النقاش اعتبرت إعلان البرهان في القاهرة “تحولًا لافتًا في موقفه”، ودعت جميع الأطراف إلى طرق كل السبل الممكنة لوقف الحرب وإعادة الإعمار.
توقعات بتغير المشهد
المحللة السياسية الدكتورة أماني الطويل توقعت أن تشهد الفترة المقبلة اتفاقًا قريبًا على وقف إطلاق النار، لكنها رأت أن التفاهم حول العملية السياسية “لا يزال بعيدًا”، مرجحة أن تشهد قوات الدعم السريع انقسامات داخلية وتحولات في التحالفات لصالح الجيش السوداني.
في المقابل، حذّر القيادي البعثي صديق تاور من “مناورة سياسية” من جانب القيادة العسكرية، معتبرًا أن استمرار الحرب “يمزق السودان ويهدد أمن المنطقة”.