
رصد – سودان لايف
في ظل استمرار الحرب وتراجع الخدمات الأساسية في السودان، برز تطبيق “تيك توك” كمحور جدل واسع بين مؤيدين ومعارضين، حيث تتزايد المطالبات بحجبه بدعوى تهديده للقيم الأخلاقية والأمن القومي، مقابل أصوات ترى أنه يمثل مساحة للتعبير الفني لا ينبغي التضييق عليها. الجدل يعكس حالة استقطاب متصاعدة داخل المجتمع السوداني، وسط مخاوف من فرض قيود جديدة على الفضاء الرقمي.
مطالبات شعبية بحظر تيك توك
خلال الأسابيع الماضية، ارتفعت أصوات واسعة تطالب بـ حظر تطبيق تيك توك في السودان، متهمةً المنصة بأنها أصبحت حاضنة لمحتوى “غير لائق” يسيء إلى العادات والتقاليد، وينشر سلوكيات تُوصف بالانحلال الأخلاقي.
ورغم عدم صدور أي قرار رسمي من وزارة الاتصالات أو الجهات التنظيمية حتى اللحظة، إلا أن مراقبين يرون أن تاريخ الحكومة السودانية في تقييد الإنترنت وحجب بعض التطبيقات – مثل مكالمات واتساب في أوقات سابقة – يجعل احتمالية حظر تيك توك واردة بشدة.
أبعاد أمنية تقلق السلطات
الانتقادات الموجهة للتطبيق لا تتوقف عند البعد الأخلاقي، بل تتعداه إلى مخاوف أمنية. فبعض الجهات الرسمية حذّرت من أن تيك توك قد يُستخدم كأداة لنشر خطاب الكراهية والتحريض، وهو ما يُنظر إليه باعتباره تهديدًا للأمن القومي، خصوصًا في بلد يعيش حالة من الانقسام السياسي والحرب المفتوحة.
تراشق فني يشعل الجدل
من أبرز الحوادث التي صبّت الزيت على النار، التراشق العلني بين الفنانتين عائشة الجبل وهبة جبرة عبر تيك توك، والذي تحوّل سريعًا إلى قضية رأي عام أثارت موجة واسعة من الجدل في الوسط الفني والجماهيري.
هذا التفاعل الرقمي أجبر اتحاد المهن الموسيقية على التدخل وفرض عقوبة تأديبية بحق الجبل، في محاولة لاحتواء الأزمة وحماية صورة الفن السوداني.
قرار اتحاد المهن الموسيقية
أعلن الاتحاد رسميًا فصل الفنانة عائشة الجبل من عضويته، فيما لم يشمل القرار هبة جبرة لعدم عضويتها بالاتحاد.
وأوضح رئيس الاتحاد نجم الدين الفاضل لصحيفة “التغيير” أن الجبل كانت عضواً منتسباً تحت فترة تجريبية، وقد التزمت عند انضمامها بتقديم فن راقٍ يعكس القيم المجتمعية، لكنها أخلّت بالضوابط المنصوص عليها في لوائح الاتحاد، ما استدعى فصلها.
وأشار الفاضل إلى ضرورة التمييز بين مجلس المهن الموسيقية التابع للدولة، المسؤول عن إصدار التصاريح الرسمية، وبين اتحاد المهن الموسيقية الذي يُعتبر كياناً مستقلاً يهدف إلى تنظيم المهنة والحفاظ على صورتها.
تهديد رقمي متكرر
يرى مراقبون أن الجدل الدائر حول تيك توك قد يكون بداية لسلسلة قيود رقمية جديدة. فالحكومة السودانية تمتلك سجلًا حافلًا في قطع الإنترنت وحجب المنصات الاجتماعية بذريعة الأمن القومي، وهو ما يثير مخاوف من أن مستقبل حرية التعبير الرقمي في السودان بات على المحك.
ومع تصاعد الحرب والأزمات، يُرجح أن يشمل التضييق الرقمي منصات أخرى إلى جانب تيك توك، مما يعكس هشاشة البيئة الرقمية السودانية في زمن النزاع.