اخبار الرياضة

مانشستر سيتي يمنح غوارديولا حرية القرار… والرحيل المحتمل يثير تساؤلات حول المستقبل

منذ انطلاق مسيرته التدريبية، لم يتوقف جوسيب غوارديولا عن السعي نحو تحديات جديدة، متنقلاً من قيادة الفريق الرديف لبرشلونة إلى الفريق الأول في موسم واحد، ثم إلى بايرن ميونيخ، قبل أن يخوض مغامرته الأبرز في الدوري الإنجليزي الممتاز مع مانشستر سيتي. وفي كل محطة، كان النجاح حليفه، حيث بلغ القمة مراراً وتكراراً. لكن في ظل التغيرات المتسارعة داخل مانشستر سيتي وخارجه، يبدو أن المدرب الإسباني يقترب من اتخاذ أحد أصعب قراراته المهنية: هل سيكون هذا الموسم هو الأخير له في ملعب الاتحاد؟

قرار البقاء بعد موسم بلا بطولات
لو سارت الأمور وفق سيناريو مختلف، لكان غوارديولا الآن يستمتع بتقاعد هادئ على أحد شواطئ المالديف أو في ملعب غولف بالبرتغال. إلا أن بداية الموسم الماضي، التي شهدت غياب الألقاب للمرة الثانية فقط منذ توليه قيادة سيتي، دفعته إلى تمديد عقده حتى عام 2027. لم يشأ أن يغادر وسط حالة من الفوضى، وفضّل أن يترك الفريق في وضع مستقر، خصوصاً أن الصيف الحالي لا يشهد تعقيدات مثل المشاركة في كأس العالم للأندية، ما يجعل توقيت تسليم المهمة لمدرب جديد أكثر ملاءمة.

إعادة بناء فريق جديد وسط تغييرات جذرية
بعد تمديد عقده، شرع غوارديولا في مهمة إعادة تشكيل الفريق، لكن الصورة الحالية تختلف كثيراً عن تلك التي كانت قبل عامين فقط، حين خاض نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان. من أصل التشكيلة الأساسية في تلك المباراة، تم الاستغناء عن أو تهميش 15 لاعباً، من بينهم أسماء بارزة مثل كيفن دي بروين، إيدرسون، كايل ووكر، وإلكاي غوندوغان. ولم تقتصر التغييرات على العناصر البشرية، بل امتدت إلى ضرورة التكيف مع تحول واضح في توازن القوى داخل الدوري الإنجليزي الممتاز.

اعتراف بتغير فلسفة اللعب في كرة القدم الحديثة
في إحدى مراحل الموسم الماضي، وخلال حديثه عن صعود فرق مثل نيوكاسل وبورنموث وبرايتون، أقر غوارديولا بأن “كرة القدم الحديثة لا تعتمد على التمركز، بل يجب أن تواكب الإيقاع”، وهو تصريح لافت من مدرب بنى فلسفته على التمركز الدقيق والتحركات المنظمة. هذا الاعتراف يعكس إدراكه لضرورة التكيف مع متطلبات العصر الجديد، وهو ما دفعه إلى التوفيق هذا الموسم بين أسلوبه التقليدي في الاستحواذ والسيطرة، وبين الضغط العالي والهجمات السريعة المباشرة.

الاستعانة ببيب ليندرز لتطوير النهج التكتيكي
ضمن خطوات التكيف، استعان غوارديولا بالمدرب الهولندي بيب ليندرز كمساعد له، نظراً لدوره البارز في تطوير أسلوب يورغن كلوب في ليفربول، القائم على الضغط المتواصل. محاولة دمج عناصر من أسلوبي سيتي وليفربول تبدو طموحة، لكنها واجهت صعوبات في بدايتها. فبعد الفوز الكبير على وولفرهامبتون برباعية نظيفة في افتتاح الموسم، تلقى الفريق خسارتين متتاليتين أمام توتنهام وبرايتون، كشفتا عن ثغرات دفاعية واضحة نتيجة الاعتماد على خط دفاع متقدم، وهو ما استغله الخصوم في هجمات مرتدة سريعة.

تحديات مبكرة تهدد مسيرة اللقب
منذ موسم 1992-1993، لم يتمكن أي فريق من الفوز بلقب الدوري بعد خسارته في مباراتين من أول ثلاث جولات. ومع أن الموسم لا يزال في بدايته، إلا أن غوارديولا يدرك أن هناك الكثير من الجوانب التي تحتاج إلى تحسين إذا أراد الحفاظ على اللقب الذي أحرزه ست مرات في سبعة مواسم بين 2017 و2024.

مستقبل غوارديولا في سيتي بين التمديد والرحيل
رغم ارتباطه بعقد يمتد لعامين إضافيين، فإن مسؤولي مانشستر سيتي توقفوا عن محاولة التنبؤ بموعد رحيله. داخل أكاديمية النادي، يسود شعور بأن هذا الموسم قد يكون الأخير للمدرب الإسباني، بينما يرى البعض أن إمكانية تمديد عقده لا تزال قائمة، إذا ما شعر بأنه يملك الطاقة اللازمة للاستمرار. وفي كل الأحوال، اتفق مسؤولو النادي منذ فترة طويلة على أن غوارديولا وحده من يملك حق تقرير مصيره، وكيف ومتى يرحل.

نهاية تليق بمسيرة استثنائية
غوارديولا نفسه أقر بأن الموسم الماضي كان مخيباً للآمال إلى درجة أنه لو كان في نادٍ آخر، لربما تم الاستغناء عنه. ومع ذلك، فإن مكانته في مانشستر سيتي تمنحه امتيازاً نادراً في عالم التدريب. وإذا ما قرر الرحيل، فإن الجماهير تأمل أن تكون نهايته مشابهة لنهاية السير أليكس فيرغسون، الذي اعتزل عام 2013 بعد قيادة مانشستر يونايتد إلى لقب الدوري. ولكي يحظى غوارديولا بوداع يليق بمسيرته، سيكون عليه بناء فريق جديد قادر على المنافسة في حقبة مختلفة من الدوري الإنجليزي الممتاز. إنه تحدٍ جديد يُضاف إلى سجل مدرب لا يعرف سوى طريق القمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى