
متابعات سودان لايف نيوز – في خضم التحديات المتفاقمة التي تمر بها البلاد، أطلق نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، نداءً وطنياً شاملاً خلال كلمته بمناسبة عيد الأضحى، أكد فيه ضرورة توحيد الصف والكلمة لمواجهة الأزمات المعقدة التي تحيط بالسودان. تأتي هذه التصريحات في توقيت بالغ الحساسية، حيث تعاني البلاد من تدهور أمني، وانقسام سياسي، وأزمة إنسانية خانقة.
تحديات الاستعمار والاستبداد: دعوة لتكاتف وطني شامل
أكد عقار أن المرحلة الراهنة من أصعب المراحل في تاريخ السودان، واصفاً التحديات التي تواجه البلاد بأنها ذات طابع مزدوج؛ داخلي وخارجي. فمن جهة، هناك ما وصفه بالاستعمار والاستبداد، في إشارة إلى محاولات السيطرة على القرار السوداني داخلياً وخارجياً، ومن جهة أخرى، يهدد الجوع، والفقر، وانتشار الأوبئة حياة ملايين السودانيين. وهو ما يستدعي – حسب قوله – تلاحم الجبهة الداخلية وتجاوز الخلافات السياسية الضيقة لصالح المصلحة الوطنية الكبرى.
استمرار تنفيذ اتفاقية جوبا: مفتاح الاستقرار والسلام
وفي معرض كلمته، شدد مالك عقار على ضرورة الاستمرار في تنفيذ بنود “اتفاقية جوبا لسلام السودان”، مؤكداً أنها تشكل القاعدة الأساسية لتحقيق الاستقرار الدائم. وأشار إلى أن الاتفاقية ليست مجرد وثيقة سياسية، بل تمثل التزاماً أخلاقياً ووطنياً تجاه المناطق المتأثرة بالحرب، والنازحين، والمهمشين، الذين ينتظرون حلولاً عملية تنهي معاناتهم.
ودعا إلى عدم تجزئة الاتفاق أو التعامل معه بانتقائية، بل تطبيقه بجميع جوانبه، مع ضمان مشاركة كافة الأطراف الموقعة في تنفيذ البنود الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وأكد أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال معالجة جذرية لقضايا الهوية والوحدة، على أساس الاعتراف بالتنوع، وترسيخ مفهوم المواطنة المتساوية.
تحديث القوانين ومحاربة الفساد: أساس البناء الوطني
واحدة من أبرز النقاط التي ركز عليها عقار في كلمته كانت مسألة تحديث المنظومة القانونية ومكافحة الفساد الذي وصفه بأنه مرض عضال ينخر في جسد الدولة السودانية. وأكد أن لا مستقبل للبلاد دون وجود نظام قانوني عادل، يضمن الحقوق، ويُخضع الجميع لسلطة القانون. وأشار إلى أن الفساد السياسي والإداري ساهم بشكل كبير في تراجع الثقة بين المواطن والدولة، ما يفرض الحاجة الملحة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس الشفافية والكفاءة.
القوات المسلحة ودورها في بسط الأمن
في جانب آخر من حديثه، أشاد نائب رئيس مجلس السيادة بدور القوات المسلحة والقوات المساندة، مطالباً إياها بالمزيد من الانضباط والالتزام العسكري لتحرير كل شبر من أرض السودان. وأكد أن الأمن والاستقرار هما الركيزة الأساسية لأي مشروع تنموي أو إصلاحي. وقال إن القوات المسلحة يجب أن تبقى على قدر المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ البلاد.
رسالة إلى المجتمع الدولي: نريد شراكة لا وصاية
وفي ختام كلمته، وجه مالك عقار رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، شدد فيها على أهمية الدعم الإقليمي والدولي للسودان، ليس من باب الشفقة، بل من منطلق الشراكة والاحترام المتبادل. وقال إن التحديات الأمنية والسياسية والإنسانية التي تواجه البلاد تتقاطع مع أجندات ومطامع خارجية، ما يتطلب من المجتمع الدولي التعامل مع الملف السوداني بحذر وواقعية.
ودعا إلى تعزيز التعاون مع السودان في مختلف المجالات، مع إعطاء الأولوية لتحقيق السلام والتنمية المستدامة، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاع. وأكد أن الدعم الدولي يجب أن يكون مكملاً للجهود الوطنية، وليس بديلاً عنها.