
تقرير: آدم محمد أحمد
مثلت حادثة «ساحة الحرية» التي تلقى فيها المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ، سيلا من الهتافات المناهضة، فصلا جديدا في إطار مسار مؤسسات الحكم الانتقالي، وربما كان التعبير الأكثر ملامسة لذلك الواقع هو ما قاله «حميدتي» إن «الصفوف تمايزت»، في إطار دفاعه عن الشيخ، ويبدو أن ما خرج في الساحة من اعتداءات لفظية وجهت نحو «الشيخ» تعبيرا عن شكل ونوع الخلافات بين «قوى التغيير» و»حركات الكفاح المسلح»، وان كان البعض أبدى استغراباً واضحاً لجهة ان «ابراهيم الشيخ» بتاريخه الطويل في النضال ضد نظام الإنقاذ، ومساهماته في ثورة ديسمبر، يحتاج اليوم الى من يدافع عنه وسط حشد جماهيري، ومع ان البعض اعتبر أن الأمر عاديا لجهة ان الحشد الذي تدافع إلى ساحة الحرية، حشدا معلوم الهوى والهوية، باعتبار ان غالبه ينتمي إلى حركات الكفاح المسلح صاحبة
▪️ العرس.
بعض التسفيرات التي حاولت قراءة المشهد، دفعت في اتجاه أهمية فصل «إبراهيم الشيخ» كقيادي معلوم ولديه مؤيدو مواقفه وكقيادي في حزب يحظى باحترام واسع وسط الجماهير والقوى الحليفة وحتى المعارضة، وبين ظهور «الشيخ» في منصة يحمل رسالة «قوى الحرية والتغيير»، فالكثيرون هنا ذهبوا ناحية ان الهجوم الذي تعرض له الرجل كان المقصود منه التحالف العريض «قوى التغيير»، وهو ما كان واضحا في هتافات الجماهير التي رددت»جوعوتنا ارحلوا»، وهذه المعاني يمكن ان نستشفها من حديث نورالدين أبوبكر المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر السوداني، عندما قال لـ(الإنتباهة) أمس إن ما حدث ما كان متوقعا لكنه امر طبيعي، وأضاف»افتكر ان الجمهور هو جمهور الجبهة الثورية الذي كان لديه رأي سابق ومعلوم حول ان قوى الحرية هي التي عطلت السلام ولديها مواقف ضد الجبهة الثورية»، وقال نورالدين : أفتكر ان أي شخص يمكن ان يتعرض إلى ذات الهجوم اذا كان في موقف الشيخ كمتحدث باسم قوى الحرية ونحن نجد العذر لهذه الجماهير».، وفي تعليق حول الحادثة قال عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي، إن التعبير عن الاختلاف او الاتفاق مع إبراهيم الشيخ أمر جعلته ثورة ديسمبر ممكناً، وكتب التعايشي في فيسبوك “الثورة التي لا يزايد أحد على مساهمات ونضالات إبراهيم من أجلها، فهو ينتمي إلى تنظيم لديه مواقف واضحة تجاه قضايا الحرب والسلام بل تجاه المظالم التاريخية بكلياتها، مسنودة بإطار نظري وفكري شاهق وكبير”، وأضاف “أعتقد أنّ إبراهيم الشيخ من الشخصيات التي تستطيع أن تكتشف مكامن الخلل وتستدرك ضرورات الإعداد للمستقبل فهو شجاع في مواقفه وأمين تجاه قضايا شعبه، خلال مسيرة صناعة السلام هذه تناقشت معه لفترات طويلة جداً وفي كل المرات وجدته مبدئيا تجاه قضايا التغيير”.
مثلما أشرنا إلى ان الحادثة، تمنح صورة مقربة لواقع الخارطة السياسية بعد عودة حركات الكفاح المسلح، فمني اركو مناوي، قال في حديثه «جئنا لتصفير العداد»، والعبارات تحمل الكثير من المضامين، وهذا مقرونا بخلافات قوى الحرية والتغيير والحديث عن ضرورة هيكلتها، وان كانت هناك آراء ترى ان خروج الحزب الشيوعي من الحاضنة قد يخفف من حدة الصراعات انطلاقا من أن «الشيوعي» كان لديه راي قوي رافض لاية خطوة في اتجاه الهيكلة، وكان آخر ما أكده سكرتير الحزب محمد مختار الخطيب قبل قرار مغادرة التحالف عندما أعلن رفضه المطلق لأية عملية ترمي لهيكلة قوى الحرية والتغيير، وقال إن ذلك يقود إلى الوصاية على مكونات التحالف ويفقدها كينونتها واستقلاليتها، وأضاف” نحن ضد قيام أي شكل قيادي في الحرية والتغيير، لأن كل الكتل داخله أتت عبر أشكال هرمية، وهنا يقول نورالدين ابوبكر إن الهيكلة غير واردة لأن قوى الحرية والتغيير لديه وضع دستوري، وأي خطوة جديدة لابد ان تعالج ذلك، وزاد»نعتقد ان وجود قوى الكفاح المسلح إضافة للتحالف».
ولكن يبدو ان الخيارات أمام قوى الكفاح المسلح، في مسألة الحاضنة محدودة في ظل ان بعضها لا يحمل صفة حزب سياسي، إضافة الى ان بعضها سيحتفظ بجيشه إلى فترة من الوقت ريثما يتم دمجه، يقول د. وائل ابوكريك استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، لـ(الإنتباهة) إن ما حدث للشيخ يأتي في إطار الانشقاقات التي تعرضت لها قوى الحرية والمتمثلة في خروج الحزب الشيوعي ومناورات حزب الأمة القومي، مما أثر في الحاضنة، وأضاف وائل «بالتالي أرشح معظم الناس الذين هتفوا ضد الشيخ هم من قوى اليسار وناشطين الذين ينتمون لبعض الأحزاب اليسارية»، ونوه وائل إلى ان حزب المؤتمر السوداني حزب معتدل وسط الحاضنة، وقال وائل إن الحركات لن تكون لديها حاضنة سياسية، لأنها بعضها أجسام لمطالب شخصية، وأضاف»ليس لديهم حاضنة هم 83 حركة»، وتوقع وائل ان تستمر قوى الحرية والتغيير بشكلها الحالي بعد خروج الشيوعي، وزاد «الحركات قد يكون لديها رأي في الشارع لكن قبولها وسط الجماهير قد يكون ضعيفا خاصة اذا حدثت منها تفلتات مثلما وقع في ضواحي الحاج يوسف لأن حينها سيحدث هزة كبيرة، وأعتقد هذا سيكون في رصيد قوى الحرية والتغيير».