زيارة البرهان للسعودية وخارطة طريق تقترب من التنفيذ في السودان

قال الصحفي السوداني عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة التيار، إن زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى الرياض تمثل خطوة بالغة الأهمية وفي توقيت حساس، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية كانت الأكثر نشاطاً في التعامل مع واقع الحرب منذ بدايتها. وأوضح أن السعودية أطلقت مبادرة مشتركة مع الولايات المتحدة عبر منبر جدة بعد ثلاثة أسابيع فقط من اندلاع النزاع، حيث تم توقيع أول اتفاق في 11 مايو 2023، ثم شاركت في مفاوضات المنامة ومحادثات سويسرا التي لم تكتمل، وصولاً إلى جهود الرباعية المدعومة من مصر والإمارات والولايات المتحدة. وأضاف ميرغني أن هذه التحركات تكللت بطلب مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعمل على مستوى رئاسي في ملف السودان، مؤكداً أن زيارة البرهان تأتي في إطار هذه الترتيبات لتترجم الحديث عن السلام إلى خطوات عملية على الأرض.

اتفاق هجليج
ورأى ميرغني في مقابلة على قناة العربية مساء اليوم رصدها موقع اخبار السودان أن التطور الأبرز في المشهد السوداني تمثل في الاتفاق الثلاثي بين الحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان وقوات الدعم السريع، والذي نص على توفير حياد وحماية لمؤسسات النفط في منطقة هجليج. وأكد أن هذا الاتفاق يشكل بادرة مهمة تدلل على إمكانية التفاهم حول قضايا استراتيجية بدلاً من الاكتفاء بخلافات تكتيكية محدودة، مشيراً إلى أن التفاوض أثبت أنه ممكن وأن نتائجه قابلة للتنفيذ، حيث أصبحت منطقة هجليج محصنة تماماً من العمليات العسكرية. واعتبر أن هذا النموذج قابل للتطبيق في مناطق أخرى، خاصة مع وجود قوة دفع دولية تقف خلف العملية السياسية، ما يعزز فرص إنهاء الحرب عبر مسار تفاوضي مدعوم داخلياً وخارجياً.

البعد الاقتصادي والإنساني
وأوضح ميرغني أن أهمية اتفاق هجليج تكمن في بعده الاقتصادي المرتبط بحقول النفط والعوائد المالية التي تمثل مصالح مشتركة للأطراف الثلاثة، لكنه شدد على أن البعد الإنساني ظل غائباً عن المشهد. وقال إن المواطن السوداني يعيش أوضاعاً صعبة للغاية في مختلف المناطق، بما في ذلك المدن البعيدة عن ميادين القتال، حيث يعاني مئات الآلاف في الفاشر من حصار خانق، إضافة إلى معاناة سكان بارا وبابانوسا وكادلي والدلنج. وأكد أن هذا الواقع يبرز الحاجة إلى أن يكون البعد الإنساني أساساً لأي عملية سلام، بحيث يضمن حماية المواطن السوداني ويجعل الاتفاقات قابلة للتحقيق على الأرض.

خارطة الطريق
وأشار ميرغني إلى أن الجهود الدولية والإقليمية تبلورت في خارطة طريق طرحتها الرباعية، وتشمل هدنة محددة المدة لثلاثة أشهر يتم خلالها بحث ترتيبات لحماية المدنيين وفك الاشتباك، وصولاً إلى وقف كامل للحرب. وأوضح أن هذه المرحلة تعقبها عملية سياسية تمتد لتسعة أشهر تهدف إلى معالجة الأزمة السياسية التي كانت سبباً في اندلاع النزاع. وأكد أن الخارطة تحظى بدعم دولي وإقليمي وداخلي، ما يجعلها أساساً يمكن البناء عليه لإضافة تفاصيل أخرى عبر الأطراف المختلفة. وختم ميرغني بالقول إن المطلوب الآن هو إظهار حسن النوايا عبر الموافقة على الخارطة والالتزام بها، ثم الشروع في تنفيذها، بما يضمن حماية المواطن السوداني حتى في سياق استمرار الحرب، وصولاً إلى إنهاء النزاع بشكل كامل.

Exit mobile version