يشهد قطاع النفط في ولاية غرب كردفان واحدة من أعقد أزماته منذ الهجوم الواسع الذي استهدف منطقة بليلة في أكتوبر 2023، والذي أدى إلى تعليق العمليات في عدد من الحقول عقب انسحاب القوات الحكومية. وتفاقمت الأزمة مع اقتراب المعارك من حقول هجليج التي تضم محطة المعالجة المركزية لنفط غرب كردفان وجنوب السودان، وذلك بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة بابنوسة، حيث لم يتبق للجيش سوى مقر اللواء 90 في هجليج.
مصادر من حقل هجليج النفطي أوضحت أن Block 4 مغلق بالكامل منذ أكتوبر 2023، ويضم حقول نيم ودفرة وكنار، وترتبط هذه الحقول بخط أنابيب رئيسي يصل إلى منشآت هجليج ووحدة المعالجة المركزية، إضافة إلى نقل الخام القادم من جنوب السودان، بما يشمل خام حقول يونيتي وتور والنار وتوما ساوث. وأكدت المصادر أن مربع بليلة كان الأكثر تضرراً منذ الهجوم، حيث اتخذت الشركة المشغلة قراراً عاجلاً بإغلاق الحقول وإجلاء العاملين بسبب الوضع الأمني المتدهور.
أشارت المصادر إلى أن الهجوم تسبب في تخريب كامل بحقل دفرة، وتلف جزئي في حقل نيم، إلى جانب سرقة معدات أساسية من المواقع، ما أدى إلى توقف الإنتاج كلياً داخل المربع. في المقابل، كشفت المصادر أن مربع 2A ما يزال يعمل بكفاءة قصوى، ويضم حقل بامبو وبعض الآبار داخل منطقة هجليج، فيما تواصل وحدة المعالجة المركزية عملها بصورة طبيعية رغم تعرضها وآبار هجليج لهجمات بطائرات مسيّرة أحدثت أضراراً جزئية.
تعرض حقل هجليج النفطي في ولاية غرب كردفان في 13 نوفمبر الماضي لهجوم جوي نفذته طائرات مسيّرة، أسفر عن مقتل أحد المهندسين وإصابة اثنين آخرين بجروح متفاوتة، وفقاً لمصادر ميدانية. وأوضح أحد المهندسين العاملين في الحقل أن القصف استهدف معمل التحاليل عند الساعة الثانية عشرة ظهراً تقريباً، وأدى إلى مقتل المشرف المتواجد داخله. كما أشارت المصادر إلى أن مطار هجليج تعرض لقصف مسيّر أدى إلى تضرره بشكل جزئي وتدمير المخازن بالكامل، إضافة إلى أضرار كبيرة في المعمل المركزي، إلا أن عمليات الضخ استمرت دون توقف.
مصادر عاملة في مربع بليلة أفادت بأن شركة بترو إنيرجي الصينية، التي تدير المربع بالشراكة مع وزارة الطاقة، اضطرت إلى إغلاق الحقول وإجلاء موظفيها بعد تعرض مطار بليلة للقصف منذ اندلاع الحرب، ما أدى إلى توقف الإنتاج في الحقول بما في ذلك حقل البرصاية. وفي السياق ذاته، أكدت مصادر بقطاع معالجة الخام أن شركة بابكو السودانية تواصل تشغيل وحدة المعالجة المركزية في الجبلين لمعالجة الخام القادم من حقل فلوج بالتنسيق مع جنوب السودان، رغم التحديات اللوجستية المتزايدة.
مصادر هندسية بشركة بيتكو أوضحت أن خطوط نقل النفط الممتدة من هجليج إلى بورتسودان ما تزال تعمل وتشمل خمس محطات ضخ رئيسية، لكنها تواجه مخاطر مستمرة نتيجة الوضع الأمني في المناطق التي تمر عبرها. وتعد شركة 2P UCO التابعة لوزارة الطاقة من أبرز الشركات العاملة في غرب كردفان، ويعتمد تشغيلها بشكل كامل على كوادر سودانية، وتمتلك ثلاثة مربعات إنتاجية هي 2A و2P وBlock 4.
وزارة النفط أكدت في بيان صدر يوم 19 نوفمبر أن صادرات جنوب السودان من النفط الخام استعادت عملها بالكامل بعد أن تسببت هجمات بطائرات مسيّرة في تعطيل العمليات في منشأتَي هجليج والجبلين الأسبوع الماضي. وأوضحت الوزارة أن الإغلاق كان مؤقتاً وأن الصادرات عادت للتحرك بشكل طبيعي عبر منظومة خطوط الأنابيب وصولاً إلى محطة التصدير على البحر الأحمر في السودان. كما شددت الوزارة على التزامها بالحفاظ على أمن واستقرار البنية التحتية النفطية في جنوب السودان باعتبار أن القطاع يمثل مصدراً رئيسياً للدخل الوطني.
يسيطر الجيش السوداني على القاعدة العسكرية في هجليج الواقعة على الحدود مع بلدة فنا كوج التابعة للوحدة الإدارية روينق بدولة جنوب السودان، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على محلية المجلد، وتتواجد في منطقة خرسانة، آخر موقع شمال هجليج، ما يعكس استمرار حالة الانقسام العسكري في محيط الحقول النفطية الحيوية.
