الخرطوم بين الركام والعودة… آلاف النازحين يعودون إلى منازلهم المدمرة رغم نقص الخدمات

جهود حكومية لإعادة الكهرباء والمياه والصحة وسط إصرار المواطنين على بدء الحياة من الصفر

الخرطوم : سودان لايف – في مشهد تتقاطع فيه المأساة مع إرادة الحياة، تعيش العاصمة السودانية الخرطوم أوضاعاً إنسانية معقدة في ظل هجمات المسيرات الانتحارية ونقص الخدمات الأساسية، فيما يعود آلاف النازحين إلى منازلهم المدمرة لإعادة تأهيلها وفتح نافذة جديدة للأمل.

ورغم تفشي الأوبئة وانهيار الخدمات وارتفاع تكاليف المعيشة، يؤكد العائدون أن “منزلاً مدمراً أفضل من ألف منزل بالإيجار في مدن النزوح”، مشيرين إلى أن العودة إلى الخرطوم تمثل بداية جديدة مهما كانت الظروف قاسية.

عودة نحو الحياة

تابعت «سودان لايف» شهادات لعدد من المواطنين الذين عادوا إلى العاصمة بعد أشهر من النزوح. في الكدرو، وقف التاجر الطيب موسى داخل محله الذي أعاد ترميمه قائلاً إنه تنقل بين خمس مدن قبل العودة، لكنه اختار مواجهة الخطر على “حياة مشتتة بين مدن النزوح”.

وفي أم درمان، عادت إيهاب أحمد إلى متجرها بسوق الشهداء بعد سرقته وحرقه، لتستأنف نشاطها بماكينة طباعة واحدة، مؤكدة أن “العودة وسط الخراب قرار لإعادة الحياة لا مجرد مخاطرة”.

وقال المواطن عبد الباقي إسماعيل الذي عاد إلى شارع الدكاترة بعد نزوحه إلى كوستي، إن أكثر من 20 محلاً تجارياً استأنف نشاطه رغم نقص الخدمات وتفشي الأمراض وارتفاع أسعار الأدوية.

جهد حكومي لسباق الزمن

وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم، صديق فريني، أن الحكومة تسابق الزمن لتلبية احتياجات العائدين رغم استمرار تهديدات المسيرات، مشيراً إلى إنشاء 87 مركز إيواء وتفعيل لجنة عليا لإعادة تشغيل محطات المياه والكهرباء وتنظيف مخلفات الحرب.

كما كشف المتحدث الرسمي باسم حكومة الخرطوم، الطيب سعد الدين، عن البدء في إجراءات النظافة ونقل الجثث وإزالة الأنقاض وفتح الطرق، إضافة إلى تأهيل محطات الكهرباء والخطوط الناقلة واستيراد أكثر من 15 ألف محول كهربائي، وتشغيل محطات المياه عبر الطاقة الشمسية.

صحة تتعافى تدريجياً

وأكد سعد الدين أن القطاع الصحي تعرض لنهب واسع لكنه يشهد تعافياً تدريجياً بعد إعادة الخدمة لعدد من المستشفيات بينها إبراهيم مالك، الذرة، الشعب، أحمد قاسم للأطفال والقلب والكلى، بحري التعليمي، حاج الصافي، أم درمان التعليمي، والوالدين للعيون، لافتاً إلى السيطرة على حمى الضنك والكوليرا وتحقيق استقرار نسبي.

عودة المدن… وإرادة البقاء

وتشير تقارير المنظمة الدولية للهجرة بتاريخ 21 أكتوبر 2025 إلى أن نحو 2.7 مليون شخص من أصل 3.77 مليون نزحوا عن الخرطوم قد يعودون إليها رغم الظروف القاسية، فيما عاد نحو 2.6 مليون شخص إلى مناطقهم الأصلية داخل السودان، نصفهم أطفال.

وبينما تستعيد الخرطوم تدريجياً أجزاء من خدماتها، يواصل المواطنون إزالة الأنقاض وفتح المحال وترميم المنازل، ليولد الأمل من بين الحطام في مدينة ما زالت تصر على الحياة رغم الحرب

Exit mobile version