
البيت الأبيض يؤكد انخراط واشنطن في جهود إنهاء الحرب السودانية وسط تقارير عن جرائم جماعية وتصعيد ميداني جديد
في ظل تصاعد القتال وتوسع رقعة النزاع في السودان، أعلنت الولايات المتحدة أنها تواصل التنسيق مع شركاء دوليين لإنهاء الصراع، وذلك بعد ورود تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب في مدينة الفاشر، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي، ما أثار قلقًا دوليًا واسعًا بشأن الوضع الإنساني.
موقف واشنطن
أكدت كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، أن الولايات المتحدة تعمل بشكل نشط مع دول أخرى للتوصل إلى حل سلمي للصراع الدائر في السودان. وفي مؤتمر صحافي رسمي، أوضحت ليفيت أن واشنطن تجري اتصالات منتظمة مع شركائها العرب، مشددة على أن الهدف هو إنهاء النزاع بطريقة سلمية، رغم تعقيد الوضع الميداني. التصريحات جاءت بعد تقارير حقوقية تشير إلى ارتكاب قوات الدعم السريع شبه العسكرية لانتهاكات جسيمة في مدينة الفاشر، بما في ذلك عمليات قتل جماعي واغتصاب، وفقًا لما أعلنه مدعون في المحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين، الذين أكدوا أنهم بدأوا جمع الأدلة حول هذه الجرائم.
رد الجيش
في المقابل، أعلن وزير الدفاع السوداني حسن كبرون، يوم الثلاثاء، أن الجيش سيواصل عملياته العسكرية ضد قوات الدعم السريع، وذلك بعد مناقشة مجلس الأمن والدفاع السوداني لمقترح أميركي بشأن وقف إطلاق النار. وفي خطاب بثه التلفزيون الرسمي، أعرب كبرون عن شكر الحكومة السودانية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على جهودها ومبادراتها لتحقيق السلام، لكنه أكد أن “التجهيزات لمعركة الشعب السوداني متواصلة”، مضيفًا أن الاستعدادات العسكرية تمثل “حقًا وطنيًا مشروعًا”. ولم تُعلن حتى الآن تفاصيل رسمية عن مضمون المقترح الأميركي، الذي لا يزال قيد الدراسة من قبل الأطراف السودانية.
اتساع النزاع
شهدت الأيام القليلة الماضية توسعًا في رقعة الحرب داخل السودان، حيث امتدت المعارك إلى مناطق جديدة، ما أثار مخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية التي أودت بحياة عشرات الآلاف وهجّرت ملايين المدنيين خلال العامين الماضيين. وتأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بعد نجاحها في وساطات سابقة في نزاعات أخرى داخل أفريقيا والشرق الأوسط. وكانت السلطات السودانية الموالية للجيش قد رفضت في وقت سابق مقترحًا لوقف إطلاق النار، تضمن استبعاد الجيش وقوات الدعم السريع من عملية الانتقال السياسي بعد انتهاء النزاع، ما أدى إلى تعثر جهود الوساطة الدولية.
تحركات دولية
تزامنت المحادثات الأخيرة مع تصعيد ميداني جديد، حيث تستعد قوات الدعم السريع لشن هجوم محتمل على منطقة كردفان وسط البلاد، بعد أن تمكنت من السيطرة على مدينة الفاشر، التي كانت آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور غرب البلاد. وفي هذا السياق، أجرى الموفد الأميركي الخاص لأفريقيا، مسعد بولس، سلسلة اجتماعات في القاهرة، شملت لقاءً مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوم الأحد، واجتماعًا مع جامعة الدول العربية يوم الاثنين. وخلال المحادثات، شدد عبد العاطي على ضرورة تكثيف الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية ووقف شامل لإطلاق النار في السودان، بما يمهد الطريق لإطلاق عملية سياسية داخلية. كما قدم بولس للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، شرحًا مفصلًا حول المبادرة الأميركية، التي تهدف إلى إنهاء الحرب، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وبدء حوار سياسي سوداني شامل، وفقًا لبيان رسمي صادر عن الجامعة مساء الاثنين.



