
قال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، إن الجيش السوداني لا يمانع من حيث المبدأ في مبادرة هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، مشيرًا إلى وجود ترحيب أولي من الطرفين، وأن الجهود الأميركية تتركز حاليًا على إنهاء تفاصيل الاتفاق.
وأشار بولس في لقاء صحفي بمقر السفارة الأميركية في القاهرة الاثنين، إلى أن الوصول إلى اتفاق هدنة يتطلب وقتًا بسبب ما وصفه بـ”تفاصيل فنية وأمنية ولوجستية معقدة”، بينها آليات المراقبة والمتابعة والتنفيذ، مؤكدًا أن الهدف هو الوصول إلى تفاهم شامل يمهد لمرحلة ما بعد الهدنة، ضمن خطة تمتد لتسعة أشهر كما ورد في بيان الرباعية.
وأضاف: “الطرفان وافقا على المبدأ، ولم نسجل اعتراضًا أوليًا من أي جهة، ونركّز الآن على التفاصيل الدقيقة”.
وشدد بولس على أن الهدف الحالي هو الوصول إلى تفاهم على إطار كامل لوقف إطلاق النار، ومن ثم فتح الباب لمرحلة ما بعد هذه الهدنة.
وتابع بالقول: “وهذا ما تطرقت له اللجنة الرباعية في بيانها الصادر في 12 سبتمبر الماضي، وتكلمنا حينها عن مرحلة ما بعد الهدنة الإنسانية، وستجدون فيه حديثًا عن ثلاثة أشهر وتسعة أشهر”.
وقال بولس إن العمل على مرحلة التسعة أشهر سيبدأ فور الانتهاء من اتفاق الهدنة، وأشار إلى تعويلهم الجدي على ما أسماه “حكمة الطرفين” لتحقيق ذلك.
وأوضح بولس أن المبادرة طُرحت ضمن ما تم التوافق عليه في إطار الرباعية، وأُعلن عنها في 12 سبتمبر/أيلول الماضي
وأضاف أن الولايات المتحدة أعدّت ورقة عمل استنادًا إلى هذا التوافق وقدّمتها إلى الطرفين قبل أسبوع، وهي الآن قيد الدراسة والبحث والتفاوض مع كل طرف على حدة.
وأكد بولس أنه لا توجد مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الطرفين، وإنما تواصل منفصل من الجانب الأميركي، معربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق.
واعتبر أن الوضع الإنساني في السودان “ملح جدًا”، مضيفًا أن ما جرى في الفاشر “مؤلم ومدان بشتى العبارات”، في وقت يحتاج فيه نحو 25 مليون سوداني إلى مساعدات.
وشدد على أن العمل الإنساني “لا يجب أن يرتبط بأي ترتيبات سياسية أو عسكرية”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تنسق مع منظمات دولية، من بينها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وبرنامج الغذاء العالمي، والصليب الأحمر، وأن هناك لجنة متابعة أميركية تعمل مع الطرفين لتأمين إيصال المساعدات إلى جميع أنحاء السودان، حتى دون وجود وقف إطلاق نار رسمي.
وفيما يتعلق بمدينة الفاشر، قال بولس إن هيئة تنسيق أُنشئت خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين أوتشا والدعم السريع والولايات المتحدة، وتمكنت من إيصال مساعدات إلى مناطق محيطة بالفاشر، قبل أن تتجاوز الأحداث الأمنية قدرة هذا التنسيق على العمل داخل المدينة.
وأكد بولس أن الرباعية تُعد إطارًا فعالًا لأنها تضم دولًا قادرة على التأثير، موضحًا أن دولًا أخرى، بينها قطر، الاتحاد الأوروبي، تركيا، وبلدان مستعدة للمساهمة، وأن مشاركة الجميع ضرورية لإنجاح المساعي الحالية.
وفيما يخص الدعم العسكري الخارجي واتهامات السودان للإمارات بالتورط في تأجيج الصراع، قال بولس إن الرباعية تناولت هذا الملف في بيانها الصادر في 12 سبتمبر، ودعت إلى وقف كل أشكال الدعم الخارجي بشكل كامل، سيما ان الطرفين كانا يتلقيان دعماً خارجيا وأن ايران كانت تقدم دعمها في وقت ما ، وأن الأمر لم يكن مقبولا لبلاده بالمرة. مؤكدًا أن التركيز منصب الآن على وقف النزاع والتوصل إلى سلام شامل.
وحذر مسعد بولس من تكرار “السيناريو الليبي” في السودان، خاصة بعد سقوط الفاشر وسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق في كردفان، مجددًا رفض واشنطن لمبدأ “الحكومات المتوازية”، واعتبر أن ذلك لا يخدم وحدة السودان.
وردًا على “سودان تربيون” حول تجاهل الولايات المتحدة الدعوات لتصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية رغم الانتهاكات المريعة التي ترتكبها، قال بولس إن المرحلة الحالية لا تتطلب تصنيف هذا الفريق أو ذاك، ولفت إلى أن الولايات المتحدة الرسمية لم تتردد في إدانة ما حدث في الفاشر عبر بيانات رسمية، كما أشار إلى فرض بلاده عقوبات على أفراد في الطرفين المشاركين بالحرب، كان آخرها العقوبات المفروضة في أغسطس الماضي.
وتابع: “همّنا الأساسي الآن معالجة الوضع الإنساني بشكل عاجل، ثم تحقيق السلام الدائم في السودان والحفاظ على وحدته”.



