غرفة قيادة جديدة للجيش السوداني في الأبيض وسط توقعات بمعارك شرسة في كردفان

في أعقاب سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، دفع الجيش السوداني بكبار ضباطه إلى غرفة القيادة والسيطرة والعمليات المركزية بمدينة الأبيض، في خطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا في إدارة المعارك، وسط مؤشرات على تصعيد وشيك في شمال وغرب كردفان، وتغيرات ميدانية قد تعيد رسم خارطة السيطرة العسكرية في الإقليم.

اتخذ الجيش السوداني قرارًا بنقل كبار ضباطه إلى غرفة القيادة والسيطرة والعمليات المركزية بمدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، في محاولة لاحتواء تمدد قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على مدينة الفاشر. هذه الخطوة جاءت في سياق إعادة تنظيم القيادة الميدانية وتحسين التنسيق العملياتي، وسط توقعات بتحول الأبيض إلى مركز رئيسي لإدارة المعارك المقبلة. التحرك العسكري يعكس إدراكًا متزايدًا من قيادة الجيش لحساسية المرحلة، خاصة بعد انهيار آخر مواقع القوات المسلحة في دارفور، ما يستدعي إعادة تموضع عاجل لصد أي تقدم محتمل لقوات التمرد نحو قلب كردفان.

في تطور ميداني لافت، تمكنت قوات الفرقة الخامسة مشاة ومتحرك الصياد من استعادة السيطرة الكاملة على منطقة جبل الهشابة الواقعة على بعد 35 كيلومترًا جنوب غرب مدينة الأبيض، بعد أن دخلتها قوات الدعم السريع قبل يومين. هذا الإنجاز العسكري يُعد مؤشرًا على قدرة الجيش على استعادة زمام المبادرة في بعض المحاور، رغم التحديات الميدانية المتزايدة. السيطرة على جبل الهشابة تمثل أهمية استراتيجية، كونها نقطة عبور رئيسية نحو مناطق غرب كردفان، وتفتح المجال أمام الجيش لتوسيع نطاق عملياته الهجومية في الأيام المقبلة.

بالتزامن مع التحركات البرية، نفذ سلاح الجو السوداني عملية نوعية استهدفت قوة مسلحة قادمة من منطقة لقاوة، كانت تتحرك باتجاه المزروب بقيادة حسين برشم بهدف دعم قوات الدعم السريع في محاور شمال كردفان. الغارة الجوية أسفرت عن تدمير القوة بالكامل، ما يعكس تصاعد التنسيق بين الوحدات الأرضية والجوية في إطار خطة الجيش لاحتواء التمدد العسكري للدعم السريع. هذه الضربة الجوية تأتي في سياق سلسلة عمليات استباقية تهدف إلى قطع خطوط الإمداد ومنع تعزيزات التمرد من الوصول إلى مناطق الاشتباك.

بحسب مصادر عسكرية تحدثت لوسائل إعلام محلية، فإن قادة العمليات في هيئة الأركان انتقلوا فعليًا إلى مدينة الأبيض، في ما يبدو أنه تغيير جديد في خطة إدارة الحرب وتحضير لهجوم واسع النطاق على مواقع الدعم السريع في كردفان. هذا التحول في مركز القيادة يعكس رغبة الجيش في استعادة المبادرة الميدانية، خاصة بعد الخسائر التي مُني بها في دارفور. كما كشفت مصادر أخرى عن مغادرة قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، مدينة الفاشر برفقة قوة خاصة، في عملية انسحاب تمت على مرحلتين، ما يثير تساؤلات حول طبيعة التحركات المقبلة لقواته.

المصادر لم تحدد وجهة القوة الخاصة التي غادرت الفاشر برفقة عبد الرحيم دقلو، لكنها رجّحت أنها توجهت نحو منطقة طويلة، حيث تمركزت بقايا قوات الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش. هذا التحرك قد يشير إلى إعادة تموضع تكتيكي لقوات الدعم السريع، أو استعداد لفتح جبهة جديدة في مناطق أكثر حساسية. في ظل غياب المعلومات الدقيقة، تبقى هذه التحركات محاطة بالغموض، لكنها تعكس ديناميكية ميدانية متسارعة قد تؤدي إلى تصعيد واسع في الإقليم خلال الأيام المقبلة.

توقعت مصادر عسكرية أن تشهد مناطق في كردفان معارك عنيفة خلال الأيام المقبلة، في ظل محاولات الجيش السوداني طرد قوات الدعم السريع من مواقعها في شمال وغرب الإقليم، ضمن خطة الزحف نحو دارفور. في المقابل، تسعى قوات الدعم السريع إلى تعزيز وجودها في كردفان والتحرك شرقًا باتجاه العاصمة الخرطوم وولايات النيل الأبيض والشمالية، في محاولة لاستعادة مناطق فقدتها سابقًا. هذا التنافس الميداني يعكس تعقيدات المشهد العسكري السوداني، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من الصراع قد تكون أكثر دموية واتساعًا، في ظل غياب أي أفق سياسي للحل.

Exit mobile version