البيت الأبيض يخرج من صمته ويوجه رسالة عاجلة

في لحظة مفصلية من الحرب السودانية، وبينما تتحول مدينة الفاشر إلى بؤرة إنسانية مغلقة، خرجت واشنطن عن صمتها بدعوة مباشرة لقوات الدعم السريع لحماية المدنيين، في إشارة إلى تصاعد القلق الدولي من تداعيات السيطرة العسكرية على المدينة المحاصرة.

في أول تعليق رسمي أميركي على التطورات الأخيرة في مدينة الفاشر، دعا كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، قوات الدعم السريع إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين ومنع تفاقم المعاناة الإنسانية في المدينة الواقعة شمال دارفور. وجاءت هذه الدعوة بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على الفاشر، التي تُعد عاصمة ولاية شمال دارفور وآخر معاقل الجيش السوداني في الإقليم. وكتب بولس عبر منصة “إكس” أن “احتدام القتال في الفاشر وتزايد أعداد المدنيين الباحثين عن ملاذ آمن من العنف، يستدعي تحركاً فورياً من قوات الدعم السريع لحماية المدنيين ومنع المزيد من المعاناة”.

في تصريحاته، شدد بولس على ضرورة أن تصدر قيادة الدعم السريع أوامر واضحة لقواتها وتعممها بشكل علني لضمان سلامة المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وكذلك لتأمين عمليات الإغاثة. وأضاف أن فتح الممرات الإنسانية بات أمراً ملحاً للسماح للمدنيين بالوصول إلى مناطق آمنة، في ظل تصاعد العمليات العسكرية داخل المدينة. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية وشيكة في الفاشر، التي تعاني من حصار خانق منذ أكثر من عام.

بالتزامن مع التصريحات الأميركية، أعلنت القوات المسلحة السودانية، السبت، أنها تصدت لهجوم واسع شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر من عدة محاور، مؤكدة أنها كبدت المهاجمين “خسائر فادحة في الأرواح والعتاد”. ولم يصدر حتى الآن تأكيد مستقل بشأن نتائج المواجهات، إلا أن إعلان الدعم السريع عن “بسط سيطرتها” على المدينة يشير إلى تحول ميداني كبير في ميزان القوى داخل الإقليم، ويعكس تصعيداً عسكرياً قد تكون له تداعيات إنسانية وأمنية خطيرة.

تخضع مدينة الفاشر لحصار متواصل منذ أكثر من عام، فرضته قوات الدعم السريع بشكل تدريجي حتى شمل جميع الطرق المؤدية إلى داخل المدينة. هذا الحصار أدى إلى تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية، مع انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية والوقود، وتوقف الخدمات الأساسية. ودفعت هذه الظروف آلاف السكان إلى النزوح نحو مناطق أكثر أمناً، من بينها مناطق خاضعة لسيطرة قوات عبد الواحد محمد نور. ويصف مراقبون الوضع في الفاشر بأنه من بين الأسوأ في السودان حالياً، في ظل غياب أي مؤشرات على تهدئة أو تدخل دولي فعال لوقف الانهيار الإنساني المتسارع

Exit mobile version