
لا خلاف في اننا كأمم مستضعفة ( افارقة وعرب) ، ظللنا ولا نزال مستهدفين في مواردنا ومقدرات بلادنا من قبل الاستعمار الغربي ، والذي وان تعددت مداخله ووسائله ، الا ان هدفه واحد وهو كيفية نهب هذه الموارد ..
صحيح ان الشعوب لا تهزم ،وان ارادتها لا تقهر، ولكنها تضعف وتحاصر ويضيق عليها فيطول امد نهضتها وازدهارها ،لذلك لا بد لهذه الشعوب أن تعد نفسها لتتمكن من مقاومة هذا الاستهداف ومن ثم بناء مستقبل واعد لاجيالها.
ولاشك في ان الوعي هو خط المقاومة والانطلاقة معا ،هذا الوعي الذي تكون اولى مراحل تغذيته بدايات مراحل التعليم ( الروضة) والى الثانوية ومن ثم الجامعة التي تكون فيها اللمسات الاخيرة ..
وعليه لا بد من الاهتمام بالتعليم من حيث البيئة والمنهج والمعلم والعلاقة بين المدرسة والاسرة، بوصفها حلقات يكمل بعضها البعض.
وجدت نفسي ودون مقدمات اقف عند ( المناهج،) بوصفها المحتوى الذي يراد ملء تلك الاجيال به ..والذي ارى انه وفي مرحلتنا التي نعيشها لابد ان يراعي تحديات شعوبنا بما فيها خطر الاستعمار والاستعباد الذي يجتهد ( الغرب) في فرضه علينا ..
وفي تقديري ان مناهجنا الحالية ، بكل ما فيها من جهد ايجابي لبناء أجيال واعية بالمخاطر التي تتهدد بلادنا ، الا انها ليست كافية وبحاجة الى مزيد من الجرعات لتقوى بها الاجيال ، وربما القياس نشوب هذه الحرب التي قضت على الاخضر واليابس ..
لذا نحن بحاجة الى مناهج تربوية مفعمة بوطنية عميقة ، وانه لابد من اعمال مباضع التشريح فيها لبناء أجيال واعية بتحديات شعبها ووطنها والمخاطر المحدقة به واكثر اعتدادا واعتزازا باوطانهم…
هو موضوع ، اعلم انه من الخطورة بمكان وانه متشعب يقصر مقالي عن الإحاطة به ،ولكني احاول وضع ( طوبة) في هذا البناء عله يستقيم بمشاركات ذوي الاختصاص ، ونسهم نوعا ما في تحريك و توجيه بوصلة القائمين على امر ( التربية والتعليم) ..
واقول انه لابد ان نحشو مناهجنا بكل ما يساهم في خلق أجيال صلبة معتدة ببلادها وتاريخها، يسومون ارواحهم رخيصة فداء لها ولشعبها دون تردد.
غذاء نستلهم (ملحه) و(ثومه) و(بصله) بل و (زيته) من ادبنا المعاصر ..
دعونا ناخذ من ادبنا هذا مايمكن تسميته ب (الادب الوطني) بشعره ونثره وقصته، بكل مافيه من معاني العزة والوطنية.
ادب يغرس فينا حب الأوطان و روح التحرر والنضال ومقاومة الاستبداد و الظلم بكافة اشكاله .
ادب وطني ثوري ، متأثرا بعقيدتنا الاسلامية في مزاوجة مع موروثاتنا ، ننهل منه (شراسة)
الدفاع عن قضايا الأمة والدين والوطن..
دفقة غضة ممتلئة بادب وطني ثوري يتجاوز البكاء على اطلال التاريخ ، متجها صوب معالي المستقبل …
ادب نرضع فيه اجيالنا ، اعظم ماخطه شعراء بلادي في الوطنية و( الفراسة) والاعتداد والاعتزاز والفخر .
نترنم بانشودة العلم لاحمد محمد صالح و ننتشي فخرا وعزة مع رائعة الشاعر عثمان عبدالرحيم (انا سوداني) للشاعر ،ونغوص حماسا واندفاعا على وقع ( اكتوبريات) محمد المكي إبراهيم ، وغيرها من روائع ادبنا الثوري مما خط (ابو امنة حامد ) ومحمد احمد المحجوب والدوش والفيتوري وغيرهم ، ممن حرضوا على حب الأوطان والزود عن حياضها وحماها .
ولناخذ متحدين مع محيطنا الاقليمي والعربي، اعظم ما سطر الثائر التونسي ابوالقاسم الشابي في الدعوة للتحرر ( ارادة حياة)..
ولنقتفي اثر ( شاعر الثورة الجزائرية ) مفدي زكريا ، وبارودي مصر واحمد شوقي ،ودرويش ، طوقان ،مطر ومظفر النواب حينما يبكي على القدس ويكتب ( القدس عروس عروبتنا) .
نريد لهذا الادب الوطني ان يكون كثيفا وعميقا وغزيرا موجها لمناهجنا لا بضع قصائد توضع متناثرة على طول اربعة عشر عاما او تزيد ربما للزينة والمعلومات العامة فقط ..!!
نثار قصائد مبعثرة هنا وهناك في منهج التعليم لم تقيم صلب وطنيتنا الضعيف ،ولا تصدت لمغامرات المتسلقين والعملاء الذين عجزت نفوسهم الضعيفة عن استيقان مفردة ( وطن) وو(وطنية) وقيم ..!!