متابعات – سودان لايف
في مشهد يعكس عمق التصدعات الداخلية التي تعصف بحركة وجيش تحرير السودان، أصدر رئيس الحركة، مني أركو مناوي، سلسلة قرارات إدارية مفاجئة أطاحت بثلاثة من كبار مسؤولي الحركة، وسط حالة من الغموض والتكهنات. وشملت الإقالات إعفاء مساعد الرئيس للشؤون القانونية محمد محمود كورينا، وتعليق عضويته، إضافة إلى مستشار الشؤون المالية آدم النور محمد، والمستشار الإعلامي محمد عبدالله أبكر، اللذين تم استبعادهما أيضاً من مواقعهم وإيقاف عضويتهم، مع إحالتهم جميعاً للتحقيق.
هذه الإجراءات الحاسمة تأتي في وقت تتصاعد فيه حدة الاضطرابات السياسية والأمنية في إقليم دارفور، وتكشف عن توترات متزايدة داخل هياكل الحركة نفسها، ما يشير إلى مرحلة جديدة من الانقسامات قد تكون لها تداعيات عميقة على المشهد الميداني والسياسي.
وفي تطور متسارع يعكس حجم التحديات التي تواجهها إدارة الإقليم، أصدر الحاكم المعيّن من قبل الجيش السوداني قرارًا مؤقتًا بتكليف والي ولاية وسط دارفور بمهام حاكم الإقليم، في ظل غياب الحاكم الفعلي عن البلاد. القرار جاء رغم افتقار الوالي المكلف للسيطرة الفعلية على الأرض، ما ألقى بظلال من الشك على فعالية هذا التكليف في ظل احتدام الصراع المسلح وتعدد مراكز النفوذ في دارفور.
وتشير تقارير محلية إلى أن مغادرة الحاكم جاءت على خلفية ضغوط شديدة ومطالبات من أنصار الحركة الإسلامية باعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، بعد توجيهه انتقادات علنية للجيش واتهامه بقيادة الحرب من خلف المكاتب وتجاهل المناطق الملتهبة خارج الفاشر.
تصريحات الحاكم فجّرت ردود فعل غاضبة من الكتائب الإعلامية التابعة للحركة الإسلامية، التي اعتبرت تصريحاته “انحيازًا مريبًا” إلى روايات الدعم السريع، وتهديدًا لصورة الجيش في أذهان المواطنين، خاصة بعد تشكيكه الضمني في ما يُروّج عن انتصارات ساحقة للقوات المسلحة في العاصمة وعدد من الولايات.
وفي ظل تصاعد الشائعات حول نية الحاكم عدم العودة إلى السودان، خرج نائبه المعيّن بتوضيح رسمي، نافياً تلك الأنباء ومؤكدًا أن الحاكم في مهمة رسمية خارج البلاد، وسيرجع قريبًا. واعتبر هذه الأنباء جزءًا من حملة تشويه من جهات وصفها بأنها “غير ناضجة سياسيًا”، تسعى لإثارة الفوضى في توقيت حرج.
دارفور تقف اليوم عند مفترق طرق، وسط مشهد ضبابي تتداخل فيه الحسابات السياسية بالتحالفات المتغيرة، حيث لم يعد الصراع فقط مع الخصوم… بل بات في قلب الدوائر التي كانت يومًا تُحسب على الصف الواحد.