مقالات وتقارير صحفية

محمد وداعة يكتب : التنوع التاريخي.. التنوع المعاصر

الاعتراف بالتنوع المعاصر يضفي مشروعية على كل الجرائم التي ارتكبت تحت لافتة التنوع.
هذه محاولة لتزوير التاريخ على اعتبار أن أقوامًا من عرب الشتات هم احتياطي (الأمة)،
وفي سردية جديدة، جاء في بيان تأسيس أن ما حدث في 15 أبريل 2023م ثورة شعبية مسلحة.

مقال الأمس أثار عددًا من النقاشات، والتي اهتمت بموضوع التنوع، ولعل أهم النقاط ما أثاره الدكتور الواثق كمير، مما بدا من التباس حول عدم وضوح التعارض بشكل ملموس بين التنوع التاريخي والتنوع المعاصر كما جاء في المقال، ويشمل ذلك العرق والدين والثقافة والجغرافيا والعادات والتقاليد. وعليه فإن الحديث عن تنوع معاصر ينطوي على ظواهر تنوع، على اختلافه، ظل غريبًا وعدوانيًا صنعته الحروب، وهو لا يتحلى بأدنى مظاهر التمدن أو كريم الأخلاق أو الارتباط بجغرافيا محددة، فهو لا أصل له ولا تاريخ، ولا يحظى بأي من معايير الاختلاف مع الآخر أو الاتفاق معه، وهو محاولة جارية لتزوير التاريخ على اعتبار أن أقوامًا من عرب الشتات هم احتياطي (الأمة).

وربما أوضح مثال لذلك هو حرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها قبائل (زرقة) دارفور على يد بعض قبائل (عرب) دارفور، ولذلك فإن الاعتراف بهذا التنوع المعاصر يضفي مشروعية على كل الجرائم التي ارتكبت تحت لافتة التنوع، وأن الحرب لم تكن لتقوم لو تم الاعتراف بهذا (النوع) من التنوع.

أعتقد أن الدقير ربما تمنى لو أخر ورقته يومًا، أو لعل أهل تأسيس قدموا مؤتمرهم يومًا (وهو جاء مؤرخًا الاثنين الأول من يوليو 2025م، وهو غير صحيح، فالاثنين كان يوم 30 يونيو)، ومن أغرب ما جاء فيه (انفجار الثورات الشعبية المسلحة في الجنوب والفونج ودارفور وشرق السودان عام 1995م، وكانت ذروتها في 15 أبريل 2023م وبورتسودان في 2025م)، إذاً لكفوا الدقير عناء اعتماد تأسيس إحدى الجهات التي أرسل إليها الورقة.

ربما كثيرون أخذتهم المفاجأة بأن تأسيس اختارت حميدتي رئيسًا والحلو نائبًا له، ونقد ناطقًا رسميًا، ومكين مقررًا، وعمليًا أحكم حميدتي سيطرته على تأسيس بحصوله على منصب الرئيس والمقرر، ولا عزاء للحلو، فلن تكون لنيابته أي تأثير بآيلولة الرئاسة والمقررية للدعم السريع، ولا مكان للهادي إدريس والطاهر حجر وقرشي في كابينة القيادة.

هذا تحالف عسكري أطاح بتوازن (التنوع) الدارفوري، ولا شك أن اختيار هيئة قيادة تأسيس قد وضع صمود في موقف حرج، وهم أمام خيارين: إما العودة إلى بيت الطاعة (صيغة تقدم)، أو الابتعاد عن تأسيس (صيغة صمود).

في مقال الأمس أخذنا على ورقة الدقير ازدواجية المعايير بين تأسيس والإسلاميين، إذ ذكر الدقير فيمن ذكر أن الورقة قدمت لجماعة تأسيس، وفي ذات الوقت طالب في الورقة بحظر المؤتمر الوطني وحركته الإسلامية وواجهاته الذين أشعلوا الحرب ويعملون على استمرارها، ومنعهم من المشاركة السياسية.

وهذا يعكس اضطرابًا في المنهج وازدواجية في المعايير، فلا يمكن الحديث عن الحرب ومآسيها وإغفال دور تأسيس في تأجيجها وتوسيعها، إذ كانت تأسيس سببًا مباشرًا في توسع الحرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وتخوم جبل مرة، ولا تنكر تأسيس أنها الذراع السياسي للمليشيا، وإشراكها يعني إشراك الدعم السريع.

من العبارات التي هزمت فكرة الورقة، ما ورد في الفقرة (8) تحت عنوان أسس ومبادئ إنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية (الاعتراف بالتنوع التاريخي والتنوع المعاصر وحسن إدارته)، بينما التنوع المعاصر أحد أسباب عدم الاستقرار وهو من أسباب الحرب اللعينة.

عرمان وحمدوك، هل قصدا عمدًا إفساد ندوة الدقير؟

التنوع هو الاختلاف، وهو قاعدة كونية، ومع ذلك يصر البعض على جعل الناس جميعًا يؤمنون بفكر واحد، وثقافة واحدة، ومعتقد واحد، وقيادة واحدة. لا ينسلخ الإنسان من تراثه وتاريخه ودينه، ولا يمكن لأحد أن يترك عاداته وتقاليده، أو التعبير عمّا يجيش بوجدانه.

ولما كانت الظروف التي يعيشها البشر وبيئاتهم ومستوى وعيهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة مختلفة، فمن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في أفكارهم وآرائهم ووجهات نظرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى