الجيش السوداني يتهم الجيش الوطني الليبي بدعم الدعم السريع في منطقة حدودية حساسة. اكتشف تفاصيل النزاع والردود الليبية وخطورة هذا التصعيد على أمن المنطقة.
متابعات – سودان لايف نيوز
مثلث النار: اتهامات سودانية حادة للجيش الليبي بدعم “الدعم السريع”.. وطرابلس ترد بنفي قاطع
في تطور لافت يزيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، أحدث اتهام الجيش السوداني للجيش الوطني الليبي بتقديم دعم لقوات الدعم السريع خلال الاشتباكات المسلحة في منطقة حدودية، العديد من التساؤلات حول دور قوات المشير خليفة حفتر في النزاع السوداني. هذه الاتهامات تمثل أول اتهام مباشر من الجيش السوداني لقوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023.
اتهام مباشر من الجيش السوداني: دعم “الدعم السريع”؟
الجيش السوداني وجه اتهامات صريحة لـ قوات الدعم السريع ومجموعة عسكرية ليبية بالهجوم على نقاط حدودية تابعة له في المثلث الحدودي الاستراتيجي بين السودان ومصر وليبيا. وفي خطوة وصفها بـ”الترتيبات الدفاعية”، أعلن الجيش السوداني، يوم الأربعاء، إخلاء هذا المثلث الحدودي. في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على المنطقة، ما يزيد من تعقيد المشهد الميداني.
وزارة الخارجية السودانية، في بيان شديد اللهجة، تحدثت عن مشاركة قوات من الجيش الوطني الليبي فيما وصفته بـ”اعتداء صارخ على سيادة السودان، وتهديد جدي للأمن الإقليمي والدولي”. ودعت الوزارة “المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى إدانة هذا الاعتداء والتعامل معه بجدية وحزم”.
الجيش الليبي يرد: “خلط للأوراق” وانتهاكات سودانية
من جهتها، أصدرت القيادة العامة لـ الجيش الوطني الليبي بياناً نشرته وسائل الإعلام المحلية يوم الأربعاء، فنفت فيه الاتهامات السودانية. واعتبر مصدر عسكري ليبي أن الاتهامات الموجهة من الجيش السوداني تعدّ بمثابة “خلط للأوراق نتيجة عدم حسم الجيش السوداني لقتاله مع (الدعم السريع)”، مشيراً إلى أن “الجيش الليبي لم يتدخل في الشأن السوداني”.
وأوضح بيان الجيش الليبي أن “الدوريات الحدودية تعرضت للاعتداء من قبل قوات سودانية أثناء تأمينها للجانب الليبي من الحدود”، مؤكدة أن القوات السودانية قد “أقدمت على انتهاكات متكررة على الحدود الليبية، ونحن نتعامل مع الوضع بهدوء”. كما أفاد البيان بأنهم “لم يكونوا يوماً مصدر تهديد للجيران، بل يسعون دائماً لتحقيق الاستقرار وضبط الحدود”، محذرين من أن “ليبيا أصبحت من أكثر الدول تأثراً بالنزاع الكارثي الدائر في السودان”.
في سياق متصل، أوضحت حكومة “الوحدة الوطنية” الليبية، التي تتخذ من طرابلس مقراً وتتمتع باعتراف الأمم المتحدة، أن الجماعة المسلحة التي يُعتقد أنها شاركت في الأنشطة العسكرية على الحدود مع السودان “لا تتبع وزارة الدفاع الليبية”، في محاولة لفصل نفسها عن أي تورط محتمل.
تحليلات سياسية: محاولات “استدراج” للمنطقة؟
أعربت أصوات من ليبيا عن دهشتها من الاتهامات المتكررة من السودان لـ الجيش الليبي بالتدخل في الصراع السوداني. واعتبر المحلل السياسي الليبي، محمد مطيريد، أن هذه الاتهامات تمثل “هجمة إعلامية تقوم بها بعض الأطراف السودانية في محاولة لاستدراج دول إقليمية ودولية إلى النزاع الداخلي”.
وقال مطيريد لـ “الشرق الأوسط” إن الجيش الليبي “ملتزم بموقعه في مثلث جبل العوينات، الواقع بين حدود السودان ومصر وليبيا”، مشيراً إلى “وجود دوريات حدودية في نطاق سيطرة كل دولة”. ويُشير المحلل السياسي الليبي إلى أن هناك محاولات سابقة لإدخال الجيش الليبي في النزاع السوداني، لكنه تمكن من تجنب أي مواجهة مباشرة لأنه يدرك تماماً أن أي تصعيد في هذه المنطقة الحساسة سيؤدي إلى مشكلات حدودية وإقليمية لن تصب في مصلحة أي طرف.
مثلث الحدود بين السودان وليبيا ومصر يُعتبر نقطة استراتيجية هامة، حيث يمثل معبراً اقتصادياً بين الدول الثلاث، ويعمل كحلقة وصل تجارية ولوجيستية تربط شمال وشرق أفريقيا. كما أنه غني بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، ما يزيد من أهميته الاستراتيجية وخطورة أي تصعيد فيه.
وأفاد مطيريد أن القيادة العامة لـ الجيش الليبي “تبتعد عن هذا الصراع بين السودانيين”، مشيراً إلى الدعم الذي يقدم إلى الجالية السودانية وكذلك النازحين في بنغازي وطبرق وكذلك في الكفرة.
يجري النفي الليبي للاتهامات السودانية في إطار عام تتصارع فيه السلطة بين حكومة “الوحدة الوطنية” في طرابلس وحكومة أخرى في بنغازي مساندة من خليفة حفتر.
أطلق الدبلوماسي الليبي، إبراهيم قرادة، نداءً لتوحيد الجهود لمواجهة ما يعتبره تهديداً خارجياً. وعقّب على هذه التطورات في حديثه مع “الشرق الأوسط” قائلاً: “إن اقتراب الصراع السوداني-السوداني من الحدود الليبية واحتمال انتشاره إلى داخل ليبيا ليس أمراً خارجياً لا يعني، بل هو واجب ملح يتطلب متابعة ومنع تمدده إلى الأراضي الليبية”.