
بورتسودان – سودان لايف نيوز
بعد هدوء حذر دام قرابة الأسبوع، عادت سماء بورتسودان لتشهد تصاعدًا في التوتر، حيث أفاد شهود عيان، السبت، بأن صواريخ مضادة للطائرات تصدت لتحليق طائرات مسيرة في أجواء المدينة التي تحولت إلى مركز إداري رئيسي للسودان وملاذًا للنازحين. هذه العودة للمسيرات تُنذر بتصعيد جديد في النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ أبريل 2023.
بورتسودان.. من ملاذ آمن إلى ساحة صراع
تُعد بورتسودان، المدينة الساحلية الهادئة سابقًا، مركزًا حيويًا للسودان في ظل الحرب المستعرة بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). وحسب متابعات محرر “سودان لايف نيوز“، فقد أصبحت المدينة مقرًا للوزارات الحكومية، والوكالات الأممية، ومئات الآلاف من النازحين الباحثين عن الأمان، كما أنها باتت المدخل الأساسي للمساعدات الإنسانية التي يحتاجها نحو 25 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وقد تعرضت بورتسودان، التي تضم الحكومة المدعومة من الجيش، خلال هذا الشهر لأول هجوم بطائرات مسيرة، ونُسبت الغارات لقوات الدعم السريع. استهدفت هذه الهجمات البنية التحتية المدنية الحيوية، بما فيها آخر مطار دولي عامل ومحطات توليد الطاقة ومستودعات الوقود. هذا الاستهداف، بحسب رصد محرر “سودان لايف نيوز”، فاقم التحديات الاقتصادية والإنسانية في بلد يعيش أزمة غير مسبوقة.

تجدد الهجمات: مؤشر على استراتيجية جديدة لقوات الدعم السريع
بعد توقف الغارات الجوية لأكثر من أسبوع، أفاد شهود لوكالة فرانس برس بسماع “دوي صواريخ مضادة للطائرات شمال وغرب المدينة”، إضافة إلى تحليق مسيرات في السماء، في مؤشر واضح على تجدد الهجمات العسكرية. هذا التطور يأتي في سياق استراتيجية من شقين تبنتها قوات الدعم السريع منذ خسارتها السيطرة على الخرطوم في مارس الماضي، حيث نفذت غارات بعيدة المدى بطائرات مسيرة على المدن التي يسيطر عليها الجيش، مصحوبة بهجمات مضادة لاستعادة الأراضي في الجنوب.
وفي جولة لـ محرر “سودان لايف نيوز” لتحليل تداعيات هذه الهجمات، تبين أنها أثرت بشكل مباشر على البنية التحتية في شمال شرق السودان، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين الأشخاص. كما كان لها تأثير كارثي على إمدادات المياه النظيفة في الخرطوم، ما تسبب في تفشي وباء الكوليرا الذي أودى بحياة نحو 300 شخص هذا الشهر، وفقًا للسلطات الصحية.
السودان المنقسم: دعوة عاجلة لحل سياسي
مع دخول النزاع عامه الثالث، بات السودان منقسمًا بحكم الأمر الواقع إلى قسمين. يسيطر الجيش على المناطق الوسطى والشرقية والشمالية، بينما تفرض قوات الدعم السريع نفوذها على غالبية دارفور وأجزاء من الجنوب. هذا الانقسام الجغرافي والسياسي يُعقد أي مساعي للتوصل إلى حل سلمي.
تتابع “سودان لايف نيوز” بقلق بالغ تصاعد التوترات وتصاعد الهجمات الجوية، وتؤكد على أن المجتمع الدولي يترقب ما إذا كان النزاع سيشهد تصعيدًا جديدًا أو خطوات حقيقية نحو حل سياسي. ففي ظل التزايد المستمر للتداعيات الإنسانية والاقتصادية التي تؤثر على ملايين السودانيين، أصبح إيجاد مخرج لهذا الصراع المدمر ضرورة إنسانية قبل أن تكون سياسية.