الصحة والعناية الشخصية والموضة

دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟

دراسة برتغالية صادمة: 15% زيادة في خطر السمنة لدى الأطفال الذين يأكلون أمام الشاشات.. ومستقبل صحي غامض يلوح في الأفق!

متابعات سودان لايف نيوز – هل أصبحت الهواتف الذكية وشاشات التلفزيون رفيقًا لا ينفصل عن أطفالنا، حتى على مائدة الطعام؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في ظل نتائج دراسة حديثة كشفت عن “كارثة صامتة” تهدد صحة أجيالنا القادمة. فقد أظهرت دراسة علمية أجرتها جامعة “مينهو” البرتغالية أن الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية أو يشاهدون التلفزيون أثناء تناول وجباتهم الغذائية، هم أكثر عرضة لزيادة الوزن. هذه النتائج تدق ناقوس الخطر، وتدفعنا للتساؤل: هل تسرق الشاشات قدرة أطفالنا على إدراك الشعور بالشبع، وتدفعهم نحو هاوية السمنة والأمراض المرتبطة بها؟

الشاشات تلهي الأدمغة: كيف تفقد أجسادنا إشارة الشبع؟

جوهر المشكلة، وفقًا للباحثين البرتغاليين، يكمن في عملية بسيطة لكنها ذات تأثير كبير: انشغال الأطفال بالشاشات أثناء تناول الطعام يحول دون إدراكهم أنهم شبعوا. الدكتورة آنا دوارتي، كبيرة الباحثين في الدراسة، تشرح هذا المفهوم بوضوح: “عندما يأكل الأطفال ويشاهدون شيئا ما على التلفزيون أو الهاتف المحمول، فإنهم يستمرون في تناول الطعام لأن الشاشات تشتت انتباههم”. هذه الحقيقة البسيطة تعني أن العقل، المنغمس في المحتوى المرئي، يفقد قدرته على معالجة الإشارات الجسدية التي تدل على الامتلاء، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام دون وعي.

أرقام لا تكذب: 15% زيادة في خطر السمنة!

النتائج التي عرضها الباحثون في المؤتمر الأوروبي للسمنة الذي انعقد مؤخرًا في البندقية، كانت صادمة: الأطفال الذين سُمح لهم باستخدام الأجهزة الذكية أو مشاهدة التلفزيون أثناء تناول الطعام، كانوا أكثر عرضة بنسبة 15 في المئة لزيادة الوزن مقارنة بأولئك الذين لم يسمح لهم بذلك.

وللوصول إلى هذه النتائج، قام فريق من جامعة “مينهو” بدراسة عادات الأكل لدى 735 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 6 و10 أعوام. تم سؤال كل طفل عن الأطعمة التي تناولوها خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينما تم سؤال الآباء عن قواعدهم المتعلقة باستخدام الشاشات في أوقات الوجبات. ويعتقد الباحثون أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع، حيث أن بعض الآباء ربما لم يعترفوا بالسماح لأطفالهم باستخدام الشاشات في وجبات الإفطار والغداء والعشاء، مما يشير إلى أن المشكلة قد تكون أعمق وأكثر انتشارًا.

السمنة في الطفولة: بوابة لأمراض الكبار!

المخاوف من سمنة الأطفال تتجاوز مجرد المظهر الخارجي. فوفقًا لتام فراي، المؤسس المشارك لمؤسسة نمو الطفل، فإن “بات الأطفال البدناء يصابون بأمراض مثل السكري الذي كان يصيب البالغين فقط. من الواضح أن ترك الأطفال يأكلون دون وعي أمام التلفزيون يضر بصحتهم. ومن المؤسف أن هذا أصبح أسلوب حياة للعديد من العائلات”. هذا التحذير يؤكد أن السمنة في مرحلة الطفولة ليست مجرد مشكلة مؤقتة، بل هي بوابة لأمراض مزمنة وخطيرة قد تؤثر على جودة حياتهم في المستقبل. مرض السكري من النوع الثاني، الذي كان مقتصرًا على البالغين، أصبح الآن يهدد الأطفال بشكل متزايد، مما يعكس خطورة التغيرات في أنماط حياتنا وعاداتنا الغذائية.

دعوة للصحوة: كيف نحمي أطفالنا من “مصيدة الشاشات”؟

تُقدم هذه الدراسة دعوة صريحة للآباء والمربين لإعادة التفكير في عادات تناول الطعام داخل الأسرة. يبدو أن أوقات الوجبات لم تعد مجرد لحظات لتناول الطعام، بل أصبحت معركة بين التغذية الواعية والإلهاء الرقمي. من الضروري أن نبدأ في:

تحديد قواعد واضحة: وضع قوانين صارمة لعدم استخدام الشاشات (الهواتف، الأجهزة اللوحية، التلفزيون) أثناء أوقات الوجبات.
خلق بيئة هادئة: جعل وقت الوجبة فرصة للتواصل الأسري وتبادل الحديث، بعيدًا عن أي مشتتات.

الوعي بالكميات: تشجيع الأطفال على الاستماع لأجسادهم، وتناول الطعام ببطء، والتوقف عند الشعور بالشبع.
تقديم بدائل صحية: الحرص على توفير وجبات صحية ومتوازنة تشجع على الأكل الواعي.
القدوة الحسنة: أن يكون الآباء قدوة لأطفالهم في عادات الأكل الصحية والابتعاد عن الشاشات أثناء تناول الطعام.

إن مستقبل أطفالنا الصحي مرهون بقراراتنا اليوم. فهل نختار مواجهة “كارثة الشاشات” ونُعيد لمائدة الطعام قيمتها كفرصة للتغذية والتواصل، أم نستسلم لهذا “الأسلوب الحياتي” الجديد الذي يهدد صحتهم وسعادتهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى