
متابعات – سودان لايف نيوز
تصعيد مأساوي ومستقبل غامض: معارك كردفان وشيكة الحسم
في غمرة التصاعد المتسارع للأحداث على الساحة السودانية، تتجه الأنظار نحو إقليم كردفان، الذي يشهد فصولاً متوترة من الصراع الدائر. لقد ألقى المستشار الباشا طبيق، أحد الشخصيات المحورية في قوات الدعم السريع، بتصريحات مدوية أشعلت فتيل التكهنات حول مسار الحرب. فالانتصارات المظفرة التي حققتها قوات الدعم السريع في غرب كردفان لم تكن مجرد مكاسب ميدانية، بل تمثل، على حد تعبيره، “نهاية مؤلمة لمغامرات متحرك الصياد الفاشلة للتوغل في كردفان”. هذه العبارة تحمل في طياتها دلالات عميقة وتشي بتحولات جذرية في موازين القوى، مما يطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل هذا الإقليم الحيوي.
دلالات التغريدة: هل تتهاوى معاقل الجيش أمام زحف “الدعم السريع”؟
لم تكتفِ تصريحات طبيق بالحديث عن انتصارات الماضي، بل امتدت لتلامس تطلعات المستقبل القريب. ففي تغريدة أثارت ردود فعل واسعة على منصة “إكس”، أكد طبيق أن تحرير مدن الأبيض، الرهد، أم روابة، وكوستي ليس سوى “مسألة وقت ليس إلا”. هذا التأكيد الصارم، المليء بالثقة، يلقي بظلاله على استراتيجية قوات الدعم السريع ويرسم ملامح مرحلة جديدة من الصراع، قد تشهد تهاوي معاقل استراتيجية كانت في قبضة الجيش السوداني. إن هذه المدن الأربع، بمواقعها الجغرافية الحيوية، تشكل عصب الحياة في ولايات كردفان والنيل الأبيض، وسقوطها قد يغير مسار الحرب بشكل جذري.
“متحرك الصياد”: مغامرة انتهت بكلفة باهظة
في قلب هذه التطورات، يبرز اسم “متحرك الصياد”، الذي يبدو أنه كان محاولة حاسمة من قبل الجيش للتوغل في كردفان وفرض سيطرته على المنطقة. ومع ذلك، فإن وصف الباشا طبيق لهذه المحاولة بـ”الفاشلة” و”النهاية المؤلمة” يشي بأن هذه العملية العسكرية قد مُنيت بخسائر فادحة، وأفشلت الأهداف المرجوة منها. هذا الفشل، إذا ما ثبتت تفاصيله، سيكون له تداعيات استراتيجية على معنويات القوات المتقاتلة وعلى خطط القيادة العسكرية للجيش السوداني، خاصة في ظل التصاعد المستمر لحدة القتال وارتفاع وتيرة الاشتباكات.
حرب السودان: عامان من الجمر ودماء الأبرياء
تتزامن هذه التطورات الميدانية مع مرور أكثر من عام على اندلاع شرارة الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023. هذه الحرب، التي اشتعلت بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لم تُخلف سوى الدمار والخراب. لقد تركزت معظم الاشتباكات العنيفة في العاصمة الخرطوم، لكن نيران الصراع امتدت لتشمل مناطق متفرقة من البلاد، مخلفةً وراءها المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين الأبرياء.

أبعاد الصراع وتداعياته الإنسانية: نداءٌ عاجل للسلام
إن التوسع في الصراع، خاصة في مناطق حيوية مثل كردفان، ينذر بكارثة إنسانية أشد وطأة. فالملايين من السودانيين نزحوا من ديارهم، وتدهورت الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق، وأصبحت المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد للكثيرين. في ظل هذا الوضع المأساوي، يشدد محرر موقع “سودان لايف نيوز” على ضرورة إيلاء اهتمام بالغ لتصاعد العنف في كردفان، لما له من تبعات وخيمة على المدنيين. فليس هناك من رابح في هذه الحرب الطاحنة، والخاسر الوحيد هو الشعب السوداني الذي يتطلع إلى بارقة أمل لإنهاء معاناته.
إلى أين يتجه السودان؟ تساؤلات حائرة ومستقبل غامض
تبقى التساؤلات عالقة في الأفق: هل تشكل هذه “الانتصارات” بداية النهاية لحرب السودان أم أنها مجرد فصل جديد في صراع مرير؟ وهل سيتمكن السودانيون من تجاوز هذه المحنة والعودة إلى مسار السلام والاستقرار؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب جهودًا جبارة من جميع الأطراف، إقليميًا ودوليًا، لإعادة صوت العقل والحكمة فوق أزيز الرصاص وقصف المدافع.
صدى المعركة: هل تتغير خارطة السيطرة في السودان؟
إن التطورات الأخيرة في كردفان لا يمكن النظر إليها بمعزل عن خارطة السيطرة المتغيرة في السودان. فإذا ما صدقت تصريحات الباشا طبيق وتكللت جهود قوات الدعم السريع بتحرير المدن الأربع المذكورة، فإن ذلك سيمثل تحولاً استراتيجياً كبيراً في المشهد العسكري. فالأبيض، الرهد، أم روابة، وكوستي ليست مجرد مدن، بل هي محاور لوجستية واقتصادية هامة، وسيطرة أي طرف عليها تمنحه أفضلية كبيرة في إدارة العمليات العسكرية وتأمين خطوط الإمداد. هذا التحول، إن حدث، سيفرض واقعاً جديداً على طاولة المفاوضات المستقبلية، ويغير من ديناميكيات الصراع بشكل قد يؤثر على مصير البلاد برمته.