
مدني – رصد خاص لـ “سودان لايف نيوز”
في خضم أزمة صحية متفاقمة باتت تهدد وجود السكان، تواجه ولاية الجزيرة السودانية، وخاصة مدينة مدني، انهياراً شبه كامل للخدمات الطبية. يتزامن هذا التدهور الكارثي مع تفشٍ واسع النطاق لوبائي الكوليرا وحمى الضنك في أغلب مناطق الولاية. يتفاقم الوضع بسبب نقص حاد في الكوادر الطبية بالمستشفيات، وشح شديد في الأدوية والمستلزمات الضرورية، مما يضع حياة المواطنين على المحك.
محرر “سودان لايف نيوز“، الذي يتابع عن كثب الأوضاع المأساوية في الولاية، رصد منشوراً شديد اللهجة للجان مقاومة مدني على صفحتها بمنصة فيسبوك. كشف المنشور عن تجاوزات خطيرة تجري داخل أروقة وزارة الصحة بولاية الجزيرة. المعلومة المفيدة والواضحة هنا تكمن في اتهام لجان المقاومة بوجود “مافيا دواء” تتحكم في أسعار العلاج، في غياب كامل لأي رقابة من الأجهزة الأمنية. هذه “المافيا”، بحسب المنشور، جعلت أسعار العلاج “مبالغ خرافية يعجز المواطن عن دفعها”، مستغلة حاجة المرضى وعجزهم في أوقات الشدة.
فساد موثق وصمت يثير الشبهات: أدوية الملاريا تُباع سراً!
أكدت لجان مقاومة مدني وجود تجاوزات موثقة داخل مستشفى ود مدني التعليمي، مشيرة إلى أن هذه المعلومات “معلومة لجميع الجهات الرسمية”. ومع ذلك، لم تُحرّك وزارة الصحة أو أي من أجهزة الدولة ساكناً لمحاسبة المتورطين، وهو ما يثير علامات استفهام كبرى حول تواطؤ أو تقاعس الجهات المسؤولة عن حماية صحة المواطنين ومحاربة الفساد.
الجانب الأكثر إثارة للغضب والاستياء الشعبي هو الكشف عن أن علاج الملاريا، الذي تم توزيعه مجاناً على المراكز الصحية لمكافحة المرض المتفشي، يُباع للمواطنين داخل تلك المراكز بأسعار عالية. هذا الاستغلال الواضح لحاجة الناس يمثل تواطؤاً مفضوحاً مع الفساد الذي يستشري في القطاع الصحي، ويعمق من معاناة المرضى الذين يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة: إما دفع مبالغ طائلة لا يملكونها، أو ترك المرض يفتك بهم.
وحمّلت لجان مقاومة مدني وزارة الصحة وكل من تستر على هذه الجرائم المسؤولية الكاملة، مؤكدة في الوقت ذاته أن “السكوت على الفساد خيانة” للوطن والمواطن. هذه التصريحات النارية تعكس غضباً شعبياً متصاعداً وتطالب بفتح تحقيق عاجل وشفاف في هذه الانتهاكات التي تزيد من أعباء الأزمة الإنسانية في ولاية الجزيرة.