أبرز المواضيعاخر الاخبار

كارثة صحية في جنوب الخرطوم: تفشي الكوليرا والملاريا وسط انهيار كامل للمرافق الصحية

تفشي الكوليرا والملاريا وسط انهيار كامل للمرافق الصحية

كارثة صحية في جنوب الخرطوم: تفشي الكوليرا والملاريا وسط انهيار كامل للمرافق الصحية

متابعات سودان لايف نيوز 

تشهد جنوب الخرطوم وضعًا صحيًا كارثيًا، مع تسجيل تفشي واسع لوباء الكوليرا والأمراض الأخرى، وسط انهيار شبه تام للقطاع الصحي وغياب الاستجابة الرسمية، في وقتٍ تتزايد فيه مخاوف السكان من وقوع كارثة إنسانية شاملة تهدد حياة الآلاف.

تدهور صحي حاد وانعدام الخدمات الطبية

أفادت غرفة طوارئ جنوب الحزام عن تسجيل 15 حالة إصابة بالكوليرا بينها 5 وفيات خلال أسبوعين فقط، وهو ما يؤشر إلى دخول المنطقة مرحلة الانتشار المجتمعي للوباء في ظل غياب التدخلات الصحية. وتشمل الأحياء المتأثرة مناطق الكلاكلة، فتيح العقليين، والصالحة، التي أصبحت فعليًا مناطق منكوبة حسب تقارير طبية وشهادات سكان.

وذكر أحمد فاروق، المتحدث باسم غرفة الطوارئ، أن المنطقة تواجه خطرًا وشيكًا بانهيار كامل للبيئة الصحية، في ظل انتشار الإسهالات المائية، الملاريا الحبشية، وحمى الضنك، مع انعدام تام للأدوية وأدوات مكافحة البعوض والناقلات.

تفشي الملاريا الحبشية بصورة مقلقة

كشفت نقابة أطباء السودان عن تسجيل 208 حالة إصابة مؤكدة بالملاريا الحبشية، توفي منهم 19 شخصًا في غضون أيام، ما يعكس حجم الخطر الذي يحدق بالمواطنين. وتوزعت الحالات بين 68 إصابة في الخرطوم و140 إصابة في شرق السودان.

وقالت الطبيبة أديبة إبراهيم السيد إن المرض ينتشر بسرعة، وإن أعراضه تشمل الحمى الشديدة، والقيء، والأنيميا الحادة، والتكسير العام في الجسم، ما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة المفاجئة. وأكدت على ضرورة ردم البرك الراكدة والرش بالمبيدات ورفع الوعي الصحي بين المواطنين.

نهب المرافق الصحية وتدميرها

تعرضت غالبية المرافق الصحية والصيدليات في جنوب الخرطوم للنهب والتخريب على يد قوات الدعم السريع خلال فترة سيطرتها على الأحياء قبل أن تستعيدها قوات الجيش السوداني أواخر مارس. هذا التدمير ترك السكان دون أي منفذ للرعاية الطبية، وسط انقطاع الأدوية والمحاليل الوريدية، وانعدام الكوادر الطبية نتيجة للفرار أو التهديدات الأمنية المباشرة.

إعاقة حركة المصابين ومنع العلاج

أفاد حزب المؤتمر السوداني في بيان رسمي، أن قوات الدعم السريع لا تزال تمنع المواطنين من مغادرة منطقة الصالحة جنوبي أم درمان، مما يؤدي إلى وفاة المرضى داخل منازلهم. وأشار الحزب إلى أن هذه الممارسات القمعية شملت تقييد حركة المصابين وعرقلة وصول الكوادر الطبية، وهو ما يفاقم الوضع ويحوّل المرض إلى أداة ضغط إضافية على السكان.

وأضاف البيان أن الأوضاع في الأحياء المحاصرة تزداد سوءًا في ظل شح مياه الشرب، تراكم النفايات، وتلوث البيئة، مع غياب أي آلية حكومية لاحتواء الأزمة.

إعدامات جماعية وتصعيد خطير

تزامنًا مع هذه الكارثة الصحية، نُفذت عملية إعدام جماعي بحق 30 مدنيًا في الصالحة، ما أثار سخطًا شعبيًا ورسميًا واسعًا. وعلى الرغم من نفي قوات الدعم السريع مسؤوليتها في البداية، إلا أن أحد قادتها اعترف لاحقًا بإصداره أوامر بتصفية المدنيين، ما يفضح حجم الانتهاكات الممنهجة التي تُمارس في تلك المناطق.

القطاع الصحي ينهار بالكامل

بحسب تقارير طبية، توقّف أكثر من 80% من المرافق الصحية في مناطق النزاع النشطة، إضافة إلى توقف 45% من المراكز الطبية في المناطق الأخرى، من أصل 6,500 منشأة للرعاية الصحية الأولية وقرابة 300 مستشفى عام. هذا الانهيار الشامل يجعل من مكافحة الأوبئة الحالية مهمة شبه مستحيلة.

ويكافح القطاع الطبي في السودان أيضًا أمراضًا وبائية أخرى مثل التهاب العيون، حمى الضنك، والإصابات الناجمة عن الهجمات العشوائية، وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.

مطالبات بالتدخل العاجل من المنظمات الدولية

دعت نقابة الأطباء وغرف الطوارئ في جنوب الخرطوم المنظمات الإنسانية والإغاثية إلى توفير الأدوية، دعم المرافق الطبية، وتنظيم حملات رش ومكافحة للناقلات، مع أهمية إجلاء الحالات الحرجة إلى مناطق آمنة عبر ممرات إنسانية عاجلة.

وحذرت الجهات الصحية من أن عدم التدخل السريع سيحوّل جنوب الخرطوم إلى بؤرة موبوءة يصعب السيطرة عليها لاحقًا، خاصة في ظل تصاعد الحالات وانتقال العدوى إلى ولايات أخرى.

خاتمة: هل يتحرك الضمير الإنساني قبل فوات الأوان؟

إن ما يحدث في جنوب الخرطوم ليس مجرد أزمة صحية بل كارثة إنسانية متكاملة الأركان، تسير بخطى سريعة نحو الأسوأ في ظل الصمت الرسمي والتجاهل الدولي. تحتاج الخرطوم اليوم إلى صوت إنساني ضمير يُنقذ الأرواح قبل أن تتحول المأساة إلى إبادة صامتة تحت أنقاض الأوبئة والحصار.

مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى