على مسؤوليتي.. طارق شريف يكتب: تحت الحصار في (169) يوم !!
كانت كافوري تعج بالهدوء وهي دلوعة ومتانقة وبعض الحسن يثريه الدلال .
فجاءة بلا مقدمات تحول الهدوء الى صخب وأصبحت كافوري ثكنة عسكرية ثم انتشرت مليشيا الدعم السريع في كل مكان .
حلت أصوات الدانات والمتفجرات محل الموسيقي، وغطي الكدمول الشوارع بديلا للجلابية والطاقية .
وبعد مرور أيام وجدت نفسي مع أسرتي الصغيرة ، وسط عدد قليل من الجيران في منزلنا بكافوري وبدأت الناس تترك منازلها .
كان قرارنا البقاء في المنزل ، أن مغادرة الإنسان بيته ليس بالأمر الهين ولهذا لم استجب لنصيحة الأهل والأصدقاء بمغادرة المنزل ومما شجعني على البقاء شجاعة وجدتها في أبنى محمد الذى يبلغ أربعة سنوات وكنت قد قلت له في أول أيام الحرب ( أنت راجل ما تخاف ) تعلقت هذه العبارة به وكل ما علت أصوات المدافع وشبح الحرب المخيف أساله هل أنت خائف وتاتى الأجابة بحزم ( يا بابا أنا راجل ما بخاف ) .
الخوف أبتعد عن منزلنا وأم محمد مثله لاتعرف الخوف ، ولكن واجهتنا مشكلة وهي إنقطاع المياه عن كل مدينة بحرى .
كانت مشكلة ولكنها نبهتنا لنعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالي كنا نعتاد عليها ونسرف في استخدام الماء، بلاوعئ ( وجعلنا من الماء كل شئ حي )
كانت الفرحة تعلو وجوه الأسرة وأنا أحمل لهم باقة مياه ، كان الحصول على المياه صعبا من أبار كافورى ومعظمها مالحة لكن جرعة ماء كانت تسوى الدنيا بحالها .
أكتشفت طاقة كامنة فينى وأستطيع أن أقطع مسافات طويلة مشيا على الاقدام بعد تعطل سيارتي التى صفر فيها عداد الوقود ومدت اللمبة الصفراء لسانها ساخرة ولاتاتي المصائب فرادي مياه مقطوعة ، وبنزين مافي ثم جاءت الكهرباء التى تقطع بالساعات لتكمل الناقصة .
كنت أمشى سيرا على الأقدام مسافات طويلة لاحصل على المياه من الآبار وأحاول أن أوفر بعض الأغذية من متجر وحيد يفتح أبوابه سبورماكت أسمها الشروق كانت تفتح لساعات محددة أثناء النهار ولكن محلات الخضار واللحوم والمخابز كلها مغلقة ، أصبحت وجبة العدس حالة من الترف .
على الصعيد الأمني ازداد الوضع سوءا وأصبحت الشظايا تقع بالقرب من المنازل .
وكانت المليشيا تطوف بالشوارع .
كم مرة صادفتهم بعرباتهم ولكن لم يسألني أحد مرة واحدة فقط حدقت النظر لاحدهم وكان يركب مع مجموعة في التاتشر رد بنظرة حادة تنطلق نيران الغضب ولكن ربنا صرفه عني .
مرة أخرى جلست في الشارع بعيدا عن منزلنا وكنت أرتاح قليلا في مشوار البحث عن الماء صادفت فردين من المليشيا في موتر ، توقفا وجلسا بالقرب مني من غير سلام
تظاهرت بالانشغال بجوالي وما أشتغلت بيهم بعد دقائق غادرت المكان في هدوء وتركتهم جالسين
وفهمت بعدها أن أصحاب المواتر هم استخبارات المليشيا يطوفون بالأحياء لجمع المعلومات تمهيدا لاقتحام البيوت الذى لم يكن قد تم بعد .
تحولت الحياة في كافورى الى قطعة من العذاب وأصبحت بحرى مدينة أشباح ….
أواصل