الصليب الأحمر لـ «البوابة نيوز»: السودان يعيش حالة كارثية.. وما نقدمه قليل جدًا
دخلت الأزمة السودانية؛ أسبوعها الثامن على التوالي للصراع المسلح الغاشم الدائر بين «البرهان و حميدتى»؛ وسط تحذيرات إقليمية ودولية من تزايد فاتورة الأزمة الإنسانية والصحية، ما يهدد حياة آلاف المدنيين المكتظين فى الأحياء السكنية؛ جراء هدن مخترقة واحتدام للصراع والعنف المسلح؛ ما يعوق استمرار العمل الإنساني الإغاثي تزامنا مع حوجه ملحة للحد الأدنى من الخدمات المنقذة للحياة.
ومع تزايد حدة الاشتباكات واستمرارها، وانتشار الفوضى وانعدام الخدمات واختفاء السلع؛ دقت المنظمات الإغاثية للعمل الإنساني ناقوس الخطر وضرورة إيجاد حلول لمواصلة عملها؛ في خضم أزمات كارثية تنهش ما تبقى من بلد منكوب وحرب ضروس لا تستثنى حتى المستشفيات من قصفها الغاشم، فيما لا يزال المرضى يئنون تحت وطأة شح قارس للدواء والغذاء في بلد كان فيه 11 مليونا بحاجة ماسة للمساعدات قبل اندلاع الحرب.
السودان يعيش وضعية إنسانية شبه كارثية
وفى خضم استمرار حرب السودان لأسبوعها الثامن؛ كشفت إيمان الطرابلسي المتحدثة الإقليمية لجمعيات الصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى؛ فى حديث خاص لـ«البوابة»” عن آخر التفاصيل بشأن الأوضاع الإنسانية والإغاثية في السودان؛ مؤكدة أنه حتى الآن ما زلنا نتحدث عن وضعية إنسانية شبه كارثية في السودان؛ فخلال الفترة الماضية وتحديدا منذ «معاهدة جدة» كانت هناك معطيات وظروف مناسبة نسبيا لانطلاق الأعمال الإغاثية للصليب الأحمر الدولي، ركزنا خلالها على نقل مواد الجراحة والإغاثة الأولية للمستشفيات فى عدة مناطق بما فيهم الخرطوم؛ كان هذا قبل حدوث التطورات الأخيرة وفشل المحادثات بشأن تعليق وقف إطلاق النار.
وأكدت الطرابلسي، أن التطورات الأخيرة في أحداث النزاع في السودان، باتت أكثر من مقلقة؛ فكانت جمعيات الصليب الأحمر قد بدأت بالتحرك في عمليات توزيع مواد الإغاثة لدعم القطاع الصحي الذى يعانى من شبه إنهاك تام في الفترة الحالة؛ ولكن تجدد الاشتباكات والتطورات الأخيرة زاد من صعوبة مواصلة العمل الإغاثي؛ رغم تأزم القطاع الصحي في السودان.
أقل من 20% من المنشآت الصحية تعمل في السودان
وأضافت، أنه ما زلنا نتحدث عن قطاع صحى بالكاد يكون قادرا على الاستجابة للاحتياجات الصحية الأبسط؛ فأقل من 20% من المنشآت الصحية في السودان لا تزال تعمل داخل الخدمة تحاول جاهدة على تلبية احتياجات السكان في السودان؛ يأتي ذلك بالتوازي مع صعوبات كبرى بالنسبة للفاعلين الإنسانيين لتوزيع مواد الإغاثة والمواد الطبية لدعم هذه المنشآت الطبية.
وأوضحت، أن جمعيات الصليب الأحمر لا تزال تركز على دعم قطاع الصحة في السودان وإيصال الجهود الإغاثية والإنسانية للمتضررين والمحتاجين؛ ولكن في إطار المستطاع لدعم المؤسسات الصحية، ليس فقط من ناحية المعدات الطبية، خاصة أن الحوجة للمعدات الطبية ليست التحدي الوحيد الذى يشهده قطاع الصحة السوداني؛ فى حين أن المنشآت الصحية القليلة الباقية في الخدمة تعانى من نفاد مخزونها من الأدوية والمواد الجراحية والطبية؛ إضافة إلى المعاناة من أزمة انقطاع المياه والكهرباء.
وأشارت، إلى أنه إذا توافرت المعدات الطبية ولم يدعم قطاع المياه والكهرباء فإن المنشآت الطبية لن تكون قادرة على مواصلة تقديم الخدمات الطبية؛ لذلك تحاول جمعيات الصليب الأحمر الدولية خلق حلول لتوفير أنظمة مياه وكهرباء للمنشآت الصحية والطبية بالشراكة مع وزارة الصحة السودانية.
شبح الانهيار يهدد السودان
بعد 8 أسابيع من الاشتباكات.. ما قدمه الصليب الأحمر قليل جدا بحجم كارثة السودان
وأكدت المسئولة الأممية، أن جمعيات الصليب الأحمر الدولي ركزت خلال الفترة الماضية منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل الماضي، على دعم جهود الهلال الأحمر السوداني في كل المناطق التي تشهد تصاعدا في وتيرة العنف لا سيما في مجال نقل الجثامين والتعرف على هوياتهم، ولكن بعد 8 أسابيع من الاشتباكات فإن ما تمكن الصليب الأحمر من تقديمه يُعد قليلا جدا مقارنة بالحالة الكارثية التي يشهدها السودان، فشبه الانهيار التام يلاحق المصالح والخدمات كافة، مؤكدة أن السكان لا يزالون إلى حدود الساعة لا يتحصلون على الإمدادات الكافية، نظرا لفشل الهدن وعدم التزام الأطراف المنخرطة في النزاع بوقف إطلاق النار.
ودقت المتحدثة باسم الصليب الأحمر في الشرق الأوسط، ناقوس الخطر من جديد بشأن الحالة الكارثية التي يعيشها السودان، مؤكدة ضرورة وحتمية مواصلة المحادثات بين الأطراف، والاتفاق على حلول تسهل تدخل الفاعلين الإنسانيين وتسهل قدرة المدنيين على اللجوء إلى أماكن أكثر أمانا وحماية مصالحهم وحياتهم، بالإضافة إلى حماية البنية التحتية الأساسية بما فيها المنشآت الصحية؛ مشيرة إلى ورود أنباء مؤكدة بوقوع عمليات اقتتال على مقربة من منشآت صحية والتي هي في الأساس محمية بمقتضى القانون الدولي الإنساني، والذى مهمتنا الأساسية هي التنفيذ الدقيق واحترام هذا القانون الذى يسرى مفعوله في حالات النزاع المسلح، وهى الحالة التي يعيشها السودان اليوم.
102 مليون فرنك سويسري نداء طوارئ عاجل لـ السودان
وحول حجم نداءات الطوارئ بشأن السودان، أوضحت، أن الصليب الأحمر الدولي ضاعف نداء الطوارئ لـ 60 مليون فرنك سويسري؛ بعد استنفاد النزاع موارد الهلال الأحمر السوداني، بالإضافة إلى إطلاق نداء ثانٍ بـ 42 مليون فرنك سويسري لدعم الفارين من حرب لدول الجوار؛ والتأكيد على النداء الأول للأطراف المنخرطة فى النزاع وتذكيرهم بضرورة احترام ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني واتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية المدنيين ومصالحهم؛ وخاصة فى حالات الاقتتال التى تدور بمناطق مقتضبة بالسكان والمناطق العمرانية.
حتمية وضرورة حماية الحيز المخصص لعمل الإنساني
وأوضحت فى ختام حديثها، أن تصاعد وتيرة العنف وصلت لأحياء مكتظة بالسكان، وبالتالي هناك واجبات قانونية من الضروري احترامها لكل من الأطراف المنخرطة فى النزاع؛ ولا يقتصر ذلك فقط على الواجبات بشأن احترام حياة ومصالح المدنيين والبنى التحتية الأساسية؛ ولكن ضرورة احترام المعاملة الكريمة والإنسانية للمحتاجين ذوي العلاقة بالنزاع؛ ولكن حتمية وضرورة حماية الحيز المخصص لعمل الإنساني حتى يتمكن الفاعلون الإنسانيون بما فيهم الصليب الأحمر من تأدية عملهم بأمان.
حرب السودان .. دفن 180 شخصًا دون معرفة هويتهم
في سياق متصل، أكدت جمعيات الهلال الأحمر السوداني، فى بيان رسمي صدر عن الأمينة العامة للجمعية عايدة السيد؛ على الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب السوداني من نقص حاد فى الدواء والغذاء والماء والوقود وتدمير المستشفيات والمبانى السكنية والبنية التحتية للطاقة والمياه، فضلا عن خطر الوفاة والإصابة بسبب النزاع؛ ما يبرهن على عدم قدرة السودانيين على الحصول على السلع الأساسية والخدمات.
وأشار البيان إلى تقديم الهلال الأحمر السوداني، إلى أنه منذ اندلاع الاشتباكات حتى الآن أكثر من 40 ألف وجبة وطرود غذائية، و24 ألفا من الإسعافات الأولية والعلاج الطبي؛ فضلا عن إجلاء 740 جريحا؛ إلى جانب الدفن الآمن والكريم للأشخاص الذين فقدوا حياتهم دون التعرف على هوياتهم؛ ففى ولاية الخرطوم دفن 102 جثة بمقابر الشقيلاب ودفن 78 جثة أخرى فى مقابر شمال وغرب وجنوب دارفور.
النساء والأطفال الأكثر نزوحًا بسبب حرب السودان
وكان المدير الإقليمي لجمعيات الصليب الأحمر فى إفريقيا محمد مخير، قال إن أكثر من 330 ألف شخص فروا من النزاع المدمر في السودان بحثا عن الأمان في دول الجوار، مؤكدا في بيان رسمي أن الأوضاع فى السودان متقلبة ومتغيرة بين الحين والآخر في ظل استمرار الصراع وهو ما يزيد من حركة النزوح نحو الحدود لأشخاص كانوا بالأصل من الفئة الضعيفة، وأغلبهم من النساء والأطفال، فضلا عن فرار عدد كبير للمرة الثانية بسبب أعمال العنف بعد أن نزحوا من مخيمات السودان.
المصدر\ جريدة البوابة المصرية