
عندما كانت السفينة (تايتنك) تموج فوق العباب بالرقص والعزف وتدور بالرؤوس الكؤوس والبطل الفقير يسرق لحظات غالية مع البطلة الثرية في تلك الأجواء الساحرة على أمواج المحيط والكل يحلم بساعة الوصول للدنيا الجديدة تحركت أنف أحدهم بصورة لا إرادية أكثر من مرة وهمس في أذن صاحبه قائلا انه يشم رائحة الثلج وكانت العبارة تعني أن هناك جبل من الجليد على طريق التايتنك وبقية القصة معروفة!
الزميل الأستاذ ضياء الدين بلال من الذين يمتلكون خاصية التنبوء والقراءات الجيدة للأحداث ولديه مقدرة(فوق العادة) على الاستشعار من بعد من خلال (العين الثالثة)التى منحته أكثر من غيره صفة(الكشاف)بين الصحفيين السودانيين وعندما يقرر ضياء مغادرة البلاد فأعلم – يا هداك الله -انه شم رائحة الثلج وان الاصطدام بجبل الجليد مسألة وقت يقصر ولن يطول وان كل محاولات إنقاذ سفينة البلاد غير مجدية ولا أمل في بلوغ اليابسة وإنما البحر من تحتنا وجبل الجليد من أمامنا والقدر من فوقنا !
فى اللقاء الأخير للصحفيين مع الرئيس البشير كان ضياء الدين يطلق النداء الأخير بضرورة التغيير قبل فوات الأوان ولكن البشير صم آذانه ليلتها وأطلق لسانه بالنكات حتى(حدث ما حدث)وبعدها قاد ضياء معركة الحقوق والحريات ونبه وتكلم وكتب وقدم ولم يستبق شيئا ولكن واضح ان(الجبل )هو (القدر)وعلينا اليوم فقط ان نحسب ما لدينا من زوارق النجاة وان نرتب عمليات الإجلاء لإنقاذ أكبر عدد من الناس قبل اصطدام البلاد بقدرها المكتوب في الأزل !
ان الأمل الوحيد الباقي ان يأت يوما من يكتشف ركام سفينة بلادنا وبخرجها من تحت القاع ويحكى من يعيش منا للأجيال قصة أعظم حب كنا نكنه للسودان !
على الطريق الثالث
ضياء يا حبيب – دع القمر أمامك ورياح البحر من خلفك وسر نحو الشاطئ البعيد ولا تنظر للوراء/سنكون على المركب التالية وان قدر الله لنا نجاة سنلتقى وان ضمتنا الأعماق سنصبح أحلى قصة حب في حياة الأوطان !